ماذا تعرف عن التيفوئيد؟

ماذا تعرف عن التيفوئيد؟


Typhoid Fever


كثيراً ما كنا نسمع في بلادنا عن مرض مُرعب يصيب الكثيرين من الأطفال والكبار يسمى التيفوئيد أو (الحمى التيفية). فهل نعرف عنه ما يكفي؟


ما هو التيفوئيد؟


هو مرض خطِر، تسببه جراثيم تدعى (السالمونيلا  التيفية      Salmonella Typhi  ) . ولحسن الحظ، فنحن لا نسمع عنه الكثير في الولايات المتحدة الأمريكية حيث  أن العدد  الكلي للحالات في كل عام لا يتجاوز 400 حالة، ثلاثة أرباعها تتم الإصابة بها أثناء السفر خارج  البلاد. وهنا لا بد من التفريق بين الالتهاب المعوي البسيط بجراثيم السالمونيلا(وهو يدعى داء السالمونيلا Salmonellosis ) من جهة والحمى التيفية من جهة أخرى. فالأولى حالة تشابه التسمم الغذائي وتؤدي إلى إسهال قد يكون مدمّى ويبلغ عدد حالاتها السنوية في أمريكا 40 ألفاً (وقد يكون العدد الحقيقي أكثر من ذلك بكثير) وهنالك 600 حالة وفاة تنجم عنها، أما الثانية فهي ما سنتحدث عنه اليوم. وعلى  الرغم من ندرة التيفوئيد في أمريكا فإن انتشاره في العالم لا يستهان به حيث تصل الحالات إلى 21 مليون حالة في العام. كما يصل عدد الوفيات إلى نصف مليون في كل عام.


لقد انخفض عدد حالات هذا المرض في أمريكا بشكل هائل خلال المئة عام الأخيرة. ففي عام 1920 بلغ عدد الحالات 35 ألف حالة. وهذا التحسّن هو نتيجة التغيّرات الإيجابية التي طرأت في البلاد من حيث النظافة والاعتناء بالتعقيم وغسل اليدين ونشر الوعي الصحي لدى مختلف طبقات المجتمع.


 


نوادر تاريخية


من النوادر التاريخية المزعجة بشأن جراثيم السالمونيلا والتيفوئيد أنه في عام 1984 قامت مجموعة دينية خاصة تدعى (راجنيشي  Rajneeshee  ) بالتلويث المتعمّد لأطباق الطعام في 10 مطاعم في مقاطعة (واسكو  Wasco ) في ولاية أوريغون الأمريكية وذلك بهدف إفشال انتخابات محلّية في المقاطعة، وقد أدّت هذه الحركة إلى إصابة 751 إنساناً بنوع من جراثيم السالمونيلا يدعى ( تيفيموريوم) ولم تكن الإصابات من نوع التيفوئيد بل بداء السالمونيلا ولم تحصل وفيات لحسن الحظ.


ويذكر تاريخياً أيضاً أنه في مدينة نيويورك تسببت امرأة تدعى (ماري مالون) بين عامي 1900 و1915 بإصابة 47 شخصاً بالتيفوئيد مما أدّى إلى وفاة ثلاثة منهم. وكان ذلك من خلال تلويثها للطعام وليس مستغرباً بعد ذلك أنها تعرف في تاريخ الطب باسم (ماري التيفية Typhoid Mary)!.


 


 


كيف ينتقل المرض؟


إن جراثيم السالمونيلا التيفية تعيش في البشر فقط، أي أنها لا توجد في الحيوانات ولا تنتقل من خلالها. المصابون يحملون الجراثيم في الجوف المعوي وفي الدم. كما أن نسبة قليلة من الناس تشفى من المرض ولكنها تحمل الجراثيم ونسمي هؤلاء (حاملي المرض    Carriers  ) . ويطرح المرضى والحاملون الجراثيم في البراز. ويصاب الأفراد من خلال تناولهم لطعام أو شراب تم لمسه من قبل شخص ناقل للمرض (مصاب أو حامل)  لم يقم بغسل يديه بشكل ملائم ، وكذلك فإن تلوّث مياه الشرب أو الأطعمة بالماء الآتي من المجاري كما يحصل في بعض دول العالم، يساهم في نقل المرض. ويشيع المرض في معظم أنحاء العالم عدا الدول الصناعية كأمريكا وكندا واليابان. وهو موجود في دول الشرق الأوسط وأفريقيا وأمريكا  اللاتينية وبعض الدول الآسيوية وغيرها.


 


الوقاية


إن أهم طرق الوقاية هي تجنّب الطعام والشراب الملوّثين. ثم يأتي دور اللقاح. وهناك نوعان من اللقاح يمكن أن يتم إعطاؤهما من قبل الطبيب وهنالك بينهما فروق يشرحها الطبيب للعائلة. علماً بأن المناعة التي يتم الحصول  عليها بوساطة اللقاح ليست كاملة ولا بد من اتباع وسائل النظافة والوقاية حتى في حال أخذ   اللقاح. إن أبسط وسائل الوقاية عند السفر هي شرب الماء المعبّأ بزجاجات وهو ــ كقاعدة عامة ــ أكثر نظافة من  مياه الصنابير. وفي حال تعذّر الحصول عليه فيجب  غلي الماء لمدة دقيقة كاملة على الأقل قبل شربه. ويجب تجنّب المشروبات الحاوية على الثلج لأن التبريد لا يقتل الجراثيم. ونذكر هنا أن احتمال نقل المرض في المياه الغازيةCarbonated water  هو أقل من احتمال نقله في العصير والمشروبات غير الغازية Uncarbonated water . إن طبخ الأطعمة بشكل جيّد يقتل الجراثيم كما أن تجنّب تناول الخضروات التي تؤكل نيّئة كالخس والبقدونس هو أمر ضروري حيث أنها تتلوّث بسهولة بجراثيم التيفوئيد. كذلك فعلينا بتقشير الفاكهة مثل التفاح وغيره بعد غسلها لأن ذلك يخفف كثيراً من احتمال العدوى. وغنيّ عن الذكر وجوب تجنب شراء الأطعمة من الباعة الجوّالين كالآيس كريم والعصير وغير ذلك.


 


الأعراض والعلامات


إن أهم العلامات هي الحرارة… حيث يعاني المصابون من حرارة مستمرة تتراوح بين 103 و140 درجات فهرنهايت (أي ما يقارب 39 إلى 40 درجة مئوية). ويحصل لديهم ضعف عام وألم في المعدة وصداع ونقص في الشهية. في بعض الحالات تحصل اندفاعات جلدية لونها وردي. هذه الأعراض تتشابه كثيراً مع العديد من الأمراض.. وبالتالي فإن الطريقة الوحيدة للتشخيص الأكيد هي الفحوص المخبرية للدم أو البراز.


 


ماذا تفعل إذا كنت مسافراً؟


في حال وجودك في بلد تتوفر فيه العناية الطبية الملائمة وحصل لديك شك بالإصابة بالتيفوئيد، فالحل الأمثل هو  الذهاب إلى طبيب أو مستشفى بهدف التشخيص والعلاج. وفي حال كونك في بلد لا تتوافر فيه الخدمات الملائمة فالأفضل الاتصال بإحدى القنصليات  الأمريكية هناك حيث ستساعدك في الحصول على خدمة طبية وتشخيص وعلاج ملائمين.


 


المعالجة


إن الحمى التيفية هي مرض جرثومي وبالتالي فإنه يعالج بالمضادات الحيوية. إن أكثر المضادات الحيوية استخداماً في هذا المرض هي الأمبيسلين والباكتريم والسيبروفلوكساسين. وعادة ما يشعر المرضى بالتحسّن خلال يومين إلى ثلاثة أيّام بعد البدء بتناول العلاج، ونادراً ما تكون هنالك مضاعفات خطرة للمرض. أما في حال إهمال المرض وعدم تناول الأدوية فإنه قد يكون خطراً لدرجة تهدد الحياة. وقد يكون مفاجئاً لبعض الناس أن يعلم أن نسبة الوفيات تصل إلى 20% في الحالات غير المعالجة، وبالتالي فهذا المرض مثال على الحالة التي يمكن السيطرة عليها بشكل ممتاز في حال أخذها بشكل جدي وعلمي ملائم من جهة والتي يمكن أن تكون سبباً لمضاعفات بالغة الخطورة في حال إهمالها من جهة أخرى.


 


بعد المعالجة


إن الحمى التيفية هي من الأمثلة الواضحة للأمراض التي لا تنتهي فيها مهمة الطبيب والمريض والهيئات الصحية ببساطة عند انتهاء تناول الدواء. فهنالك الكثير من المرضى الذين يستمرّون في طرح الجراثيم لفترة طويلة بعد انتهاء المعالجة وذهاب الأعراض ويتحوّلون إلى (حاملين للمرض). وفي حقيقة الأمر فهذا أحد أسباب أن  الكثير من الشركات والمعامل تمنع العامل المصاب بهذا المرض من العودة إلى العمل حتى بعد زوال الأعراض إلاّ بعد إحضار رسالة واضحة من قبل الطبيب تسمح للعامل بالعودة للعمل وتذكر أنه لم يعد معدياً ولا يشكّل خطراً على بيئة العمل. وما يفعله الطبيب هو أنه يقوم بسلسلة من فحوص البراز (وربما الدم) للتأكّد من زوال هذه الجراثيم من جسم المريض ومن كونه لم يتحوّل إلى حامل للمرض فيسمح له بالتالي بالعودة إلى عمله.


 


 

Close Menu