الثآليل بين الحقيقة والأسطورة والبقلة الحمقاء!!

 


 


الثآليل بين الحقيقة والأسطورة والبقلة الحمقاء!!


 


قلت للأم ــ وقد أحضرت طفلها إلي تشكو من مشكلة جلدية أصيب بها ــ  : طفلك مصاب بالثآليل يا سيدتي!


 سألتني : ثآليل؟


 ــ  نعم.


*  وهل تعتقد يا دكتور أنني أحضرت طفلي إليك لتقول لي هذا؟


 ــ  ولماذا أحضرته إليّ إذاً؟


 * إن أية أم تستطيع أن تشخص هذه المشكلة. الثؤلول داء جلدي واضح وبسيط. وأنا بصراحة قد قرأت عشرات المقالات من علوم الأوّلين والآخرين عن هذا الموضوع. وأنا ما أتيت إليك اليوم إلاّ  لتقدم لطفلي العلاج الذي يجعله يتخلص من هذا المرض.


ــ  الآن بدأنا بالموضوع المعقد.


 *  معقد؟


  ــ أكثر مما تظنين.


  * وهل تحاول أن تخبرني أن حالة ولدي خطرة؟


 ــ  أبداً. ولكنني أحببت أن أذكر لك أن الكثير من الناس يتصورون أن الثآليل قد تشفى خلال أيام باستخدام مرهم بسيط وهذا الاعتقاد خاطئ. فالأمر قد يتطلّب معالجات متعددة. ولكن ما رأيك أن أعطيك فكرة عامة عن الثآليل قبل أن نصل إلى موضوع معالجتها؟


*  يا حبذا.


 


الثآليل


ــ  الثآليل هي ــ بطبيعة الحال ــ جمع ثؤلول. في بعض الأقطار العربية يطلق عليها اسم (تالول) وفي هذا تبسيط للثاء وتحويلها إلى تاء وهذا أمر شائع بطبيعة الحال. وفي أقطار أخرى يطلق عليها اسم (فالول) وهذا أمر عادي بل هو في صلب العربية الفصيحة التي كانت تستخدم (الفاء) و(الثاء) بشكل تبادلي. وإذا تجاوزنا موضوع اللغة والتسميات فأنا أود أن تعرفي أن الثؤلول ناجم عن فيروس.


 * فيروس؟


ــ  نعم.


*  وهل هذا يعني أن الثؤلول معدٍ؟


ــ  نعم.


 *  وما هو اسم الفيروس المسبب لهذا المرض؟


 ــ  هو يدعى فيروس (بابيلوما) وقد بينت الأبحاث وجود أكثر من 80 نوعاً لهذا الفيروس. وعلى العموم فهنالك خمسة أنواع للثؤلول. أوّلها الثؤلول الشائع وهو الذي يعاني منه طفلك. وهنالك أيضاً الثؤلول المسطح والثؤلول الخيطي والثؤلول الأخمصي والثؤلول التناسلي. وكما هو واضح فإن التسمية ناجمة إما عن شكل الثؤلول أو عن موقعه. أم الأسباب والمعالجات فمتقاربة.


 


 * وهل يصاب المريض الذي يعاني من الفيروس بأعراض؟


 ــ  العرض الأهم هو الثؤلول نفسه وهو عبارة عن نموّ حميد على الجلد.


 *  وماذا تعني بكلمة حميد؟


 ــ أي أنه ليس خبيثاً أو سرطانياً. وهذا النمو قد يكون بلون الجلد أو بلون غامق أكثر وربما نمت عليه بعض الأوعية الشعرية الدقيقة. والثؤلول غير مؤلم على العموم إلا في حال وجوده في أماكن تتعرض للضغط المستمر كالأصابع أو أخمص القدم.


 


العدوى


 


* وكيف يتم انتقال الثؤلول من شخص إلى آخر؟


 ــ  لما كان الثؤلول مرضاً فيروسياً فإن التماس مع الثؤلول قد يؤدي إلى العدوى. وهذه العدوى قد تكون ذاتية فتؤدي إلى انتشار الثؤلول في أماكن أخرى من الجسم، أو غيرية أي أنها تؤدي إلى إصابة شخص آخر. ومن المهم أن نعرف أن فترة الحضانة ــ أي الفترة بين التماس وظهور المرض ــ هي طويلة نسبياً حيث أنها تتراوح بين 2 ــ 9 أشهر.


 * وهل تحصل العدوى في كل مرة يحصل فيها تماس مع الثآليل؟


ــ لا. فقط نسبة معينة من الحالات تؤدي إلى الانتقال. وهذا النسبة ليست واضحة تماماً فهي تختلف حسب الدراسات. ولكن من المعروف أن هنالك أشخاصاً معرضين أكثر من غيرهم لحصول الإصابة.


 * وما هي عوامل الخطر التي تزيد احتمال الإصابة؟


 ــ  المشي دون حذاء على السطوح الرطبة كما هو الحال في حمامات السباحة وكذلك استخدام مناشف الآخرين وعض الأظافر والأصابع والتعرق الشديد. كذلك فإن الأشخاص المصابين بضعف في المناعة معرضون أكثر من غيرهم للإصابة. ومما يذكر أن نسبة الإصابة بالثآليل تقل مع التقدم بالعمر، وربما كان السبب في ذلك تطور مناعة ضد فيروس الثؤلول عبر الشهور والسنين.


 


المعالجة


* إن هذا الأفكار التي أعطيتها لي فيما يخص الثآليل هي أفكار مفيدة فعلاً. ولكن الأهم بالنسبة لي هي أن تعطي طفلي معالجة تؤدي إلى شفاء الثآليل. ما هو اقتراحك يا دكتور؟


  ــ كما ذكرت لكِ فإن قضية المعالجة في مجال الثآليل هي أمر شائك فعلاً. من حيث المبدأ فإن المعالجة لا ضرورة لها في معظم حالات الثآليل.


 * وكيف ذلك؟


  ــ الثآليل تميل للشفاء العفوي ولكن هنالك مشكلة.


*  وما هي؟


 ــ  المشكلة هي أن الشفاء قد يحتاج لفترة طويلة قد تمتد لسنين في بعض الأحيان.


 * وهل تريدني أن أصبر لسنين حتى تشفى هذه الثآليل المزعجة؟


 ــ لهذا فإننا نعطي الأمهات والآباء خيارات متعددة. أحدها هي الانتظار كما ذكرتُ لكِ ، ويبدو أنكِ لست من محبذيه.


 * أبداً.


ــ  حسناً. نحن نبدأ عادة باستخدام بعض أنواع المراهم التي تؤدي إلى تقرّن الثآليل ومن ثم زوالها. والمشكلة في هذا الخيار العلاجي هي أن نسبة النجاح ليست عالية. ومع ذلك فإننا نبدأ بها في معظم الأحيان لأن تأثيراتها الجانبية معدومة تقريباً ولا خسارة من المحاولة. وهنالك على العموم بعض المراهم التي تم إنتاجها حديثاً ومشكلتها هي ارتفاع ثمنها. وفي حال قرر الأهل استخدام هذه المراهم فلا بد من استمرار المعالجة لشهرين أو ثلاثة أشهر قبل أن يحصل الشفاء أو التحسن.


 * هذا أمر لا يناسبني!! فأنا وزوجي منزعجان فعلاً من هذه الثآليل ونريد علاجاً أكثر سرعة.


ــ هنالك معالجات تطبق إما في عيادة طبيب الأطفال أو طبيب الأمراض الجلدية وهي تتضمن حقن الثؤلول ببعض المواد  التي تؤدي إلى انحلاله.


 * طفلي يخشى الحقن العضلية والجلدية ولا أظن أننا سنتركه يعاني من معالجة من هذا النوع.


ــ  حسناً. هنالك معالجة بديلة. وهي ما يدعى بالمعالجة التجميدية.


 * وما هي هذا المعالجة؟


 ــ هنالك أجهزة تقوم بتطبيق غاز النيتروجين السائل على الثآليل وهذا يجعل حرارة الجلد تهبط دون درجة التجمد مما يؤدي إلى موت الثآليل ومن ثم سقوطها.


 * ولكن طفلي لا يحب البرودة. تصوّر … إنه يخاف من اللعب بالثلج. أليست لديك معالجات أخرى؟


ــ  بلى! هنالك المعالجات الليزرية والكهربائية والجراحية. وهذه جميعاً يتم تطبيقها في عيادة طبيب الأمراض الجلدية. وبالمناسبة .. فلا يوجد أي دليل علمي على أن فعالية هذه الأساليب هي أعلى من المراهم.


 *  وهل هذه المعالجات مؤلمة؟


ــ  نعم … إلى حد ما.


* وما هي نسبة نجاح هذه الوسائل العلاجية؟


ــ  حسب الإحصاءات العلمية الدقيقة فإن نسبة النجاح تتراوح بين 60% و 70% .


* لا أعتقد أننا من أجل نسبة ضئيلة كهذه سنغامر بتعريض طفلنا للألم والخوف.


 ــ  بصراحة لقد حيّرتني يا سيدتي وقد أسقط في يدي. أنا أعطيتك الخيارات جميعاً ويبدو أن أياً منها لا يلائمك. هل تريدين أن تأخذي بعض الوقت للتفكير بالخيار الملائم؟


 


 


 


علاجات بديلة


قالت لي الأم: لقد قرأت عن بعض العلاجات البديلة وأريد أن أسألك عنها.


 قلت: تفضلي.


 * لقد قرأت في كتاب (الحاوي في الطب) أن دلك الثآليل بالخرنوب الفج يذهبها البتة!!


 ــ  وهل وصلت قراءاتكِ إلى (الحاوي في الطب)؟!!


* نعم.


 ــ وهل جرّبتِ الخرنوب؟


*  نعم … ولم ينفع.


ــ دعيني أخبركِ إذاً ببعض العلاجات البديلة التي قرأت عنها أنا.


 * تفضل.


 ــ  هنالك قشر البلسان مع الخل.


 * هذه قرأتها في كتاب (الجامع للمفردات والأدوية) وقد جرّّبتها ولم تنفع!!


  ــ  وهنالك حليب أغصان التين.


  * هذه قرأتها في كتب ابن النفيس ولم تكن مجدية.


 ــ  هنالك من يوصي بإحراق الباذنجان وحرق رماده بالخل ثم دلك الثؤلول به.


 *هذه قرأتها في كتب ابن البيطار… ولم يتحسن ولدي!!


 ــ  يا سيدتي حيّرتني فعلاً ماذا تريدينني أن أفعل؟


* لقد قرأت وصفة في كتاب (القانون في الطب) لابن سينا.


 ــ وما هي؟


* هو يوصي بدلك الثؤلول بالبقلة الحمقاء.


 ــ  وما هو المطلوب مني الآن؟


*  أن تشرح لي ما هي البقلة الحمقاء.


 ــ  أما هذه فلا علم لي بها … ويسأل عنها ابن سينا!!


 


 

Close Menu