ثؤلول السعادة!!

 


 


 



ثؤلول السعادة!!


 


اعتباراً من  منتصف التسعينات من القرن الماضي شاع في أمريكا اسم جديد في مجال الأغذية الدوائية . وبدئ باستخدامه على نطاق واسع لعلاج مشكلة مستعصية في المجتمع وهي الاكتئاب. 


 


الغذاء الدوائي الجديد يدعى St.John’s Wort وهو ما يمكن أن نترجمه على أنه (ثؤلول القديس يوحنا). وهذا الدواء ليس جديداً فهو مازال يستخدم في أوربا منذ عشرات السنوات وبنجاح كبير، بل إن الدراسات التي أجريت هناك قد بينت أنه معادل في تأثيره لأشهر الأدوية المضادة للاكتئاب مثل (البروزاك) و(الإيميبرامين) و (الزولوفت) وغيرها. 


 


الاكتئاب مشكلة ذات أهمية كبرى في العالم الغربي…. فهي في  أمريكا وحدها  تكلف المجتمع ما يعادل 44 بليون دولار بين ثمن الأدوية المستخدمة في العلاج وساعات العمل الضائعة. لذلك فإن الأوساط الطبية الأمريكية استقبلت الدواء بترحاب كبير. فمن الأهمية بمكان أن يتوفر للمصابين بهذه المشكلة الشائعة دواء له فعالية الأدوية المضادة للاكتئاب التي يمكن الحصول عليها بالوصفات الطبية من جهة، وألا تكون له التأثيرات الجانبية المعروفة لهذه الأدوية. ومن هنا كان الاهتمام الكبير به.


 


وما نحب أن نقوله هو أن (ثؤلول القديس يوحنا)  عبارة عن نبات لاحظ الناس على مر السنين أن تناوله يؤدي إلى زوال الغم وحلول السعادة في النفس، ومن ثم فقد قامت الشركات الدوائية في أوربا بإنتاج خلاصته على شكل حبوب يستخدمها الناس لهذا الغرض. ولكونه دواءً عشبياً يخلو من المركبات الكيميائية فإن تأثيراته الجانبية شبه معدومة وهذا أمر مشجّع تماماً إذا علمنا أن التأثيرات الجانبية لبعض أدوية الاكتئاب تشمل المشاكل القلبية مثلاً، مما يجعل الأطباء لا يقدمون على وصفها للمريض مالم يكن لاستخدامها ضرورة قصوى. ونظراً لسلامته فإن إنتاجه حصل على نطاق واسع ثم إنه أصبح يضاف حتى للمشروبات الساخنة كالشاي ليحصل شاربه على السعادة التي عرف بإحداثها في نفس متناوليه. 


 


وككل دواء أو غذاء جديد فإن الأدوية المستخلصة من هذا النبات قد تعرّضت لبعض الانتقادات في أمريكا، منها أن الدراسات التي أجريت لإثبات فعاليته لم تكن كافية من وجهة النظر العلمية، ومنها أن نوعية الحبوب المتوفرة في أوربا أفضل من تلك التي تباع في أمريكا نظراً لوجود الرقابة الحكومية هناك وعدم وجودها هنا. بل إن دراسات محدودة قد أجريت في أمريكا زعمت أن فعالية هذا الدواء مشكوك بها. 


 


إن هذا الجدل قد جعل حمى الفرح الغامر التي حلت بالأوساط الطبية عند إحضار هذا الدواء إلى أمريكا تخبو قليلاً. ولكن ليس تماماً….. فكل ما يحصل الآن هو عبارة عن (إعادة نظر) أو (وقفة علمية مع الذات) حيث أن هنالك العديد من المؤسسات العلمية التي تقوم حالياً بدراسات جادة لتصل إلى نتيجة حاسمة في هذا الشأن. فالمدافعون عن الدواء يقولون إنه من الممكن أن نقوم بإحداث رقابة على إنتاجه في أمريكا من أجل الحصول على نوعيات منه تعادل تلك الموجودة في أوربا، كما أنه من غير المعقول ألا يكون هذا الدواء فعالاً وهو الدواء الذي تمت تجربته في أوربا لهذه السنين الطويلة. ومن المعروف أن (وكالة الغذاء والدواء) الأمريكية لم تقم بمنح هذا الدواء موافقتها حتى الآن، وبالتالي فإنه لا يزال يباع على أنه (غذاء).


 


وخلاصة الأمر أن هذا الدواء ــ الغذاء له أهمية كبرى ، وأن النقاش ما يزال دائراً فيما يخص فعاليته. والأوساط العلمية تنتظر ــ ونحن ننتظر معها ــ لنعلم القول الفصل في حقيقة هذا الدواء الذي يمكن أن نطلق عليه اسم (ثؤلول السعادة)!  


 


 


 

Close Menu