روتاتك…. لقاح جديد لمنع التهابات المعدة والأمعاء !!

 



روتاتك…. لقاح جديد لمنع  التهابات المعدة والأمعاء !!


 


كلّما أخبرت أمّاً من الأمّهات أن لقاحات طفلها قد “انتهت” ، اضطررت لأن أصحح هذه العبارة لاحقاً بعد فترة تطول أو تقصر وأخبرها أن هنالك لقاحاً جديداً يضاف إلى جدول اللقاحات المعروفة لدى الأطفال.


 وربما كان هذا العام (2006) من أكثر الأعوام التي تم فيها تقديم لقاحات جديدة. فوزارة الصحة في ولاية ميشيغان أضافت لقاح التهاب الكبد (آ) إلى قائمة اللقاحات  التي تعطى للأطفال.


 وكذلك وافقت إلى بدء إعطاء لقاح Proquad الذي يجمع للمرة الأولى بين الحماق (جدري الماء) و الحصبة والحصبة الألمانية وهذه الثلاثة الأخيرة كان يجمعها لقاح واحد يدعى M.M.R..


وكنا قبل سنوات ست قد بدأنا ــ بناءً على قرارات  السلطات الطبية ــ بإعطاء لقاح التهاب السحايا بالجراثيم الرئوية الذي يسمى Prevanar والذي كان يتوافر حيناً ويغيب أحياناً  عن ثلاجات العيادات الطبية،حتى تم تأمين كميات كافية منه.


 


 وفي العام الحالي أيضاً تغيّرت التوصيات بشأن إعطاء لقاح جدري الماء Varivax حيث كان يطلب في الماضي أن يعطى بعمر سنة (ولمرّة واحدة فقط إلا في حال إعطاء الجرعة الأولى منه بعد عمر 13 سنة، حيث يعاد بعد شهر) فالتوصيات الجديدة والصادرة للتوّ من المطبعة تقول إن علينا أن نضيف جرعة ثانية من هذا اللقاح بعمر 4 سنوات.


 وبصراحة فإن جدول اللقاحات الذي أعطيه للأمهات في عيادتي تم تغييره عددا ً قياسياً من المرات في هذا العام. ومن بين اللقاحات  التي انتشرت في هذا العام وساهمت في جعل عدد اللقاحات  التي يتناولها الأطفال في أمريكا قياسياً لقاح جديد يدعى Rotateq وقد اخترت أن أتحدّث عنه اليوم.


 


روتاتك والروتافيروس


روتاتك هو لقاح يعطى لمنع الأنتان بفيروس يسمى Rotavirus .وهو فيروس مسبب للإسهال الذي كثيراً ما يترافق بالإقياء والحرارة والتجفف. وهو السبب الأوّل للإسهال عند الرضّع والأطفال الصغار في العالم كلّه.


 ولنوضح مدى انتشار هذا الفيروس، يكفي أن نقول إن جميع الأطفال تقريباً لابد وأن يصابوا به قبل أن يصبح عمرهم 5 سنوات. وإذا كان هذا الفيروس هو الأكثر شيوعاً بين الفيروسات المؤدية إلى حالات الإسهال، فإن هذا لا يعني أنه مسؤول عن النسبة العظمى منها. ففي الواقع هو مسؤول عن 5 ــ 10% من جميع حالات الإسهال في أمريكا قبل عمر 5 سنوات. وهو يشكّل 40 ــ 50% من حالات القبول إلى المشافي بسبب  الإسهال (الشديد) قبل عمر 5 سنوات. أي أن الأهمية ليست عددية فقط، ولكنها أهمية نوعية أيضاً.


 فالطفل قد يصاب بإسهال عابر لا يستمر فترة طويلة ولا نعير لها بالاً. ولكن في حال كون الإسهال شديداً، فإن احتمال كون السبب هو Rotavirus يرتفع كثيراً.


 ونذكر أرقاماً أخرى. فهذا الفيروس يؤدي إلى أكثر من 400000  زيارة للطبيب في  كل عام. وأكثر من 200000  زيارة لغرف الطوارئ في كل عام.  وما بين 55000 و70000 قبول إلى المشافي في كل عام. وكذلك هو يؤدي إلى ما يتراوح ما بين 20 و60 حالة وفاة. وهو يكلّف الخزينة الصحية مليار دولار في كل عام. هذا كلّه في بلد متقدم صحياً كالولايات  المتحدة الأمريكية، أما في الدول النامية، حيث لا توجد إحصاءات كافية متعلّقة بالمرض وحالاته ونتائجه، فحدّث ولا حرج!


 


روتافيروس


كما ذكرنا فإن أعراض الإصابة بالروتافيروس تتلخص في حصول الحرارة وألم البطن والإقياء، يتبعها الإسهال. والمرض أشيع ما يكون في الربيع والشتاء. والأطفال معرّضون للإصابة بشكل رئيس بين شهري تشرين الثاني وأيّار. هذا الفيروس معدٍ جداً. وفترة حضانة المرض قصيرة (يومان فقط) تبدأ بعدها الأعراض التي قد تستمر بين 3 إلى 8 أيام. ويذكر أن هنالك عدة أنواع من الروتافيروس، وبالتالي فإن الطفل قد يصاب أكثر من مرّة، فالإصابة لا تؤدّي إلى المناعة. وإن كانت الإصابة الثانية أقل شدة من الإصابة الأولى.


 إن انتشار الفيروس سهل حيث تطرح كميات كبيرة منه في البراز. وإن حصول تلوّث الأيدي والأشياء هو أمر سهل. ويحصل نشر الفيروس أيضاً  قبل وبعد ظهور الأعراض لدى المريض. أي أن المريض معدٍ خلال فترة الحضانة. والمرض يحصل في الكبار أيضاً، وإن كان بنسبة أقل من نسبة حصوله في الصغار.


 وبما أنه لا يتوفر علاج قاتل للفيروس، فإن المعالجة تقتصر على تعويض السوائل للطفل المصاب سواء عن طريق الفم، أو عن طريق الوريد في الحالات الشديدة التي تقتضي القبول إلى غرف الطوارئ أو المشافي. إن الإقياء هو أكثر خطورة من الإسهال. فالطفل المصاب بالإسهال فقط يمكن أن يتم تعويض  السوائل الضائعة لديه بإعطائه السوائل والمحاليل عن طريق الفم، أما الطفل المصاب بالإقياء المعنّد فسرعان ما يصاب بالتجفاف، مما يؤدي إلى قبوله إلى المستشفى لتعويض ما فقده عن طريق الوريد.



لقاح روتاتك


تقليدياً، كنا ننصح الأهل بغسل اليدين بعناية وخصوصاً حين وجود طفل مصاب بالروتافيروس لمنع انتشار المرض. وبالرغم من اتباع وسائل العناية  المعروفة، فإن نسبة حصول الإصابة بفيروس (روتا) لم تنقص بشكل ملحوظ. وبالتالي فقد استمرت الأبحاث للوصول إلى لقاح لمنع هذا الفيروس.


 وقد تم التوصل للقاح في أواخر التسعينات من القرن الماضي، وسرعان ما تم إيقاف هذا اللقاح في عام 1999 لأنه تسبب في حالات خطيرة من انسداد الأمعاء. مما أدّى إلى إحباط في الأوساط الطبية.


 وتواصل السعي للحصول على لقاح بديل تمت الموافقة عليه من قبل السلطات الصحية مؤخراً وبدئ باستعماله في هذا العام 2006. اللقاح  الجديد يدعى Rotateq وليست له علاقة باللقاح السابق الذي تم إيقافه بسبب تأثيراته الجانبية والذي كان يدعى Rotashield.


وقد صنعت هذا اللقاح الجديد شركة Merck الشهيرة عالمياً. وهو لقاح (حيّ مضعف) أي أن الفيروسات فيه حية وليست مقتولة.  وبطبيعة الحال، فإن هذا اللقاح يحمي  من الإسهالات والإقياءات  المسببة عن الروتافيروس تحديداً، وليس من تلك الناجمة عن الفيروسات الأخرى.


 ولقد بيّنت الدراسات أن هذا اللقاح يمنع 74% من حالات الإنتان بالروتافيروس عموماً، والأهم من ذلك أنه سيمنع حصول 98% من الحالات الشديدة من الفيروس (وهي التي تؤدي إلى زيارة غرف الطوارئ والقبول إلى المشافي على العموم). وهو يمنع 96% من حالات القبول إلى المشافي. وهذه الأرقام مدهشة إذا علمنا مدى المعاناة التي تحصل لدى الأهل في حال حصول الإنتانات الشديدة بفيروس روتا.


 


 كيف يعطى؟


يعطى هذا اللقاح عن طريق الفم (وليس عن طريق الحقن كما هو حال الغالبية العظمى من اللقاحات). ويتم إعطاؤه بثلاث جرعات (بعمر 2 و 4 و 6 أشهر) وأقل عمر يعطى به هو 6 أسابيع، ولا يعطى بعد عمر 32 أسبوعاً، ولا تتوفر دراسات تؤكد سلامته وفعاليته خارج هذا المجال العمري. وبطبيعة الحال فإن هذا لا ينفي أن المستقبل قد يبيّن سلامته وفائدته في أعمار أخرى، وفي تلك الحال سيتم تعديل جدول إعطائه. وهذا أمر ليس غير مألوف في مجال اللقاحات والأدوية المخصصة للأطفال.


 ويمكن إعطاء هذا اللقاح مع لقاحات الأطفال المعروفة كاللقاح الثلاثي ولقاح شلل الأطفال ولقاحي السحايا (الرئوي والهيموفيلوس) وكذلك مع لقاح  التهاب الكبد ب. وبالتالي فلا توجد مشاكل تداخل دوائي حسب الدراسات التي أجريت. واللقاح لا يحوي الزئبق ولا الثيمروسال وهما مادتان حافظتان كانتا تسببان مشاكل في السابق لاحتواء بعض اللقاحات عليها (كلقاح  التهاب الكبد  ب القديم).


 


 هل هي النهاية؟


والسؤال الذي يطرح نفسه في مجال كهذا هو: هل هذا هو آخر اللقاحات التي سيتفتق عنها ذهن العلماء؟


 والجواب الطبيعي الواضح هو لا. فطالما كانت هنالك أمراض لا يمكن الوقاية منها، وطالما كانت هنالك عقول علمية لا تعرف أن تهدأ عن  التفكير. فالأبحاث مستمرة مستمرة… واللقاحات الجديدة قادمة قادمة.


 


 

Close Menu