الربو من جديد

 


 


 


الربو من جديد


 


عندما اتصلت بي السيدة (بولا نيومان) من صحيفة Detroit News Herald تطلب لقاءً صحفياً، كان أوّل سؤال سألتها إياه: ماذا سيكون موضوع الحديث؟


 


قالت:   الربو!


 


 سألتها: الربو من جديد؟


 


*   وهل تحدثت في مرات سابقة عن الربو؟


 


ــ  مرّات سابقة؟! لقد تحدثت عن الربو في التلفزيون والإذاعة والصحف. وأنا أتحدّث عنه كل يوم في عيادتي.


 


 *  أحب أن أسألك سؤالاً.


 


ــ   تفضّلي.


 


*  ما نسبة انتشار الربو في أمريكا؟


 


ــ   حوالي 8% من مجموع السكان!


 


*  ألا تعتقد أن مرضاً له هذا الانتشار الهائل في البلاد يستحق حديثاً جديداً؟


 


ــ  هذه معكِ حق فيها. علماً بأنني أعتقد أن الانتشار الحقيقي للمرض يتجاوز هذه الأرقام الرسمية.  عن أي جانب من جوانب الربو تريدين أن نتحدث؟


 


*  ما القصة؟ هل حصل تبادل في الأدوار؟ لا تنسَ أنني أنا الصحفية وأنت الطبيب، وأنا التي يجب أن توجه الأسئلة لا العكس!


 


ــ   وهذه أيضاً معك حق فيها. متى تريدين أن نلتقي؟


 


*  هل يناسبك أن نلتقي غداً مساءً في عيادتك؟


 


ــ   لا بأس. وغداً يومٌ آخر.


 


 


 


حديث قديم جديد


 


في يوم اللقاء طلبت مني السيدة (نيومان) أن أعطي قرّاءها تعريفاً بسيطاً للربو. قلت: الربو هو عبارة عن داءٍ تنفسي مزمن يكتنف القصيبات الرئوية. يتميز بفرط تهيج القصيبات وتضيّقها كما يتميز بالتهاب جدرانها وبتراكم القشع فيها مما يؤدي إلى نقص الفراغ المتاح لدخول الهواء إليها و بالتالي تحصل هجمات من صعوبة بالتنفس وصوت ناعم يسمى (الوزيز) والسعال.


 


أسباب الربو


 


سألتني: وماهي أسباب الربو؟


 


 قلت: إن الربو يعتبر من الأمراض ذات الأسباب المتعددة. أهمها  التحسس، وهنالك العوامل الوراثية كما أن هنالك العوامل البيئية كالتدخين والمواد الملوّثة للجو.


 


* دعني أسألْك أوّلاً عن العوامل الوراثية. ماهي أهميتها؟


 


 ــ   إذا كان أحد الوالدين مصاباً بالربو فإن احتمال إصابة أي من الأطفال هي 25% أما في حال إصابة كلا الوالدين فإن الاحتمال يصل إلى 50%  فالعامل الوراثي هو عامل مثبت علمياً في هذا المرض.


 


 * هل لك أن تعطيني شرحاً مبسّطاً عن الآلية التحسسية في الربو؟


 


  ــ عندما يتعرّض الإنسان المصاب بالربو إلى إحدى المواد المحسسة كغبار الطلع أو العفن المنزلي أو الغبار، فإن هذه المواد تحرّض خلايا في الجهاز المناعي للمريض نطلق عليها اسم (الخلايا السمينة)Mast Cells وتقوم هذه الخلايا عندئذٍ بإفراز مواد تحسسية تقوم بدورها بتحريض القصيبات الرئوية فتؤدي إلى تقبّضها والتهابها فتحصل أعراض الربو التي ذكرتها لكِ.


 


 * هل انتشار المرض في ازدياد أم في نقصان؟


 


 ــ  للأسف فإن انتشار الربو في ازدياد مستمر في أمريكا.


 


  * وما الأسباب في ذلك؟


 


 ــ  الأسباب متعددة. أوّلها ازدياد التلوّث الناجم عن تطور الصناعة وثانيها أن المنازل تبنى حالياً بشكل كتيم للحفاظ على الطاقة وبالتالي فإنها تحبس المواد المحسسة بشكل كبير مما يزيد هجمات الربو وثالثها سبب يذكره العلماء وهو أن الأطفال في أمريكا يزدادون سمنةً و السمنة لها علاقة بازدياد الربو!


 


الوقاية


 


*  وهل بالإمكان الوقاية من الربو؟


 


 ــ  هذا ممكن وإن كان صعباً. فإذا كان الطفل يتحسس لمواد يمكن تجنّبها فالوقاية ممكنة. بعض الأطفال يتحسسون للحيوانات المنزلية مثلاً، و في هذه الحال فإن التخلص من هذه الحيوانات يخفف من غلواء المرض. أما في حال التحسس لعوامل بيئية عامة كغبار الطلع الذي يكثر عادةً في الربيع فالأمر أصعب بكثير. كذلك فإن تنظيف المنزل من العفونة وفضلات الحشرات له دور كبير في السيطرة على المرض. كما يمكن استخدام بعض الأدوية في الوقاية من تكرر الهجمات.


 


العلاج


 


* وما هي أهم الأدوية في علاج الربو؟


 


 ــ  هنالك عدد كبير جداً من الأدوية التي نعالج بها الربو. كل منها يعمل بآلية مختلفة لمكافحة الآليات المرضية المختلفة لهذا الداء.فهنالك دواء       (Albuterol Sulfate) Ventolin الذي يعطى إرذاذاً بوساطة آلة خاصة تسمّى Nebulizerوهي تحوّل هذا الدواء إلى بخار يستنشقه المريض وهو يعمل على إرخاء القصيبات وهذا يعاكس التقبض الحاصل فيها . وهنالك مجموعة الأدوية المسماة بالستروئيدات (وهي نفس عائلة دواء الكورتيزون الشهير) وآلية عملها القضاء على الالتهاب الموجود في جدران القصيبات وهي تعطى إرذاذاّ أو عن طريق الفم. هذه الأدوية تتضافر في عملها بحيث تعاكس كل الآليات المرضية الحاصلة في الربو وبالتالي فإنها تساعد على تحسين حياة المريض. وهنالك الأدوية المضادة للهيستامين مثل  Claritin  و Zyrtec .


 


دواءان جديدان


 


* وهل هنالك أدوية جديدة في علاج الربو؟


 


 ــ  هنالك دواءان جديدان. أحدهما يدعى Pulmicort وهو أوّل دواء ستيروئيدي يعطى إرذاذاً. وقد استفاد منه الكثير من المرضى نتيجة لفعاليته العالية. والثاني يدعى Singulair وهو دواء يعمل بآلية جديدة وهي تحييد المواد التحسسية التي تفرزها الخلايا السمينة. وبه اكتمل عقد الأدوية الموجودة حالياً حيث أصبح هنالك دواء لمعاكسة جميع مراحل المرض.


 


* وهل هنالك شفاء لمرض الربو؟


 


 ــ  ليس لدينا دواء لشفاء الربو، فجميع الأدوية التي ذكرتها لك هي أدوية مخففة لحدة المرض. ولكن الشفاء قد يحصل عفوياً عندما يكبر المريض ونسبة الشفاء العفوي هي 49%. وهنالك حالات معيّنة يقوم فيها طبيب الأمراض التحسسية بإعطاء حقن مضادة للتحسس على فترة طويلة قد تمتد لسنة أو سنتين، وهذه الطريقة في المعالجة تهدف للقضاء على المرض، ولكنها لا تطبق في جميع حالات الربو، بل في الحالات الشديدة والمعنّدة.


 


فكرة عامة


 


قالت لي السيدة نيومان: إن المعلومات التي حصلت عليها اليوم من خلال لقائنا ستتحول إلى مقال يفيد قراء الصحيفة.


 


 قلت: إن هذه المعلومات التي ذكرتها اليوم إن هي إلا فكرة عامة عن المرض، فحديث الربو له شجون وفروع متشعبة يصعب أن يحيط بها لقاء صحفي مختصر.


 


*  سأرسل لك قريباً نسخة عن لقاء اليوم.


 


 ــ  وماذا سيكون عنوان اللقاء؟


 


*  (الربو من جديد).

Close Menu