الفلور …. العنصر الغذائي المحيّر!

 


 


الفلور …. العنصر الغذائي المحيّر!


 


 


زارتني في عيادتي صديقتان، لكل منهما طفل.


 


 سألتني الأولى: أصحيح أن الفلور ضروري لنمو أسنان طفلي؟


 


 قلت: نعم بالتأكيد!


 


 قالت الأخرى: ولكن طبيب الأسنان أخبرني أن أسنان طفلي قد أصبح لونها داكناً وتأذت بسبب الفلور.


 


 قلت: صدق طبيب الأسنان!!


 


 قالتا معاً: اسمح لنا يا دكتور أن نقول لك إن في كلامك تناقضاً كبيراً.


 


 قلت: أبداً. كلامي ليس فيه أي تناقض. ولكن المشكلة أنكما لم تقوما بتعلّم وقراءة الأمثال العربية.


 


قالتا: الأمثال العربية؟ وما دخلها بالتغذية والكيمياء والفلور والأسنان؟


 


 قلت: هل سمعتما بالمثل العربي القائل: (مازاد عن حده انقلب إلى ضده)؟!


 


يعتبر الفلور مادة هامة ومحورية في نمو الأسنان. ولكن الإنسان (والطفل بين عمر 6 أشهر و 16 سنة  بوجه خاص) يحتاجه بكميات معينة لا تزيد ولا تنقص عن حدها المطلوب. أي أن الطفل قبل عمر 6 أشهر لا يحتاج إلى الفلور. وعندما يتم تناول الفلور أثناء نمو الأسنان فإنه يصبح جزءاً منها ومن ضمن تركيبتها الرئيسة فيزيد من مقاومتها للتسوّس.. إضافةً إلى ذلك فإن الفلور يقوم بإصلاح ما تحدثه حموض الأوساخ المترسبة على الأسنان والتي تؤدي الجراثيم الفموية إلى تراكمها.


 


ويعتبر الماء أهم  مصادر الفلور في الولايات المتحدة الأمريكية. والماء ــ في أصل تركيبه ــ لا يحوي الفلور، ولكن تتم إضافة كميات دقيقة منه في عملية تسمى (الفلْوَرَة). ومنذ بدء (الفـَلْـوَرة) في الولايات المتحدة عام 1945 لوحظ تحسّن هائل في صحة الأسنان عند السكان. وإذا كان هنالك من يقاوم هذه الفلورة، فقد ثبت أنها مفيدة جداً وقليلة التكلفة ولا تؤدي إلى أية تأثيرات جانبية. ويكفي أن نعلم أن دراسة قد أجريت منذ تسع سنوات شملت 23 بلداً في العالم قد بينت أن تسوّس الأسنان قد نقص بمقدار 50% بعد إضافة الفلور إلى الماء.


 


إن مياه المدينة (أي الماء الذي نحصل عليه من الصنبور العادي) يحوي سبعة أعشار إلى واحد وربع جزءاً من كل مليون جزء (أي 1 بالمليون تقريباً) من مادة الفلور. وهذا هو الرقم المطلوب. وهذا كافٍ لتأمين حاجة الطفل والبالغ. ولكن المشكلة أن استخدام (بعض) أجهزة تنقية المياه في المنازل يمكن أن تحذف الفلور من الماء. كما أن بعض أنواع المياه التي تباع في زجاجات يمكن أن تكون خالية من الفلور ولا بد بالتالي من قراءة محتويات هذه الزجاجات وسؤال الشركات التي تبيع أجهزة التنقية عن هذا الأمر قبل شراء منتجاتها. وفي حال إعطاء مياه خالية من الفلور للطفل فلا بد من استشارة الطبيب ليصف الفلور دوائياً وبكميات محسوبة.


 


وكما أن الفلور مادة رئيسة في الغذاء (وتعتبر مما يدعى العناصر الزهيدة) … فإن زيادتها تؤدي إلى تلون الأسنان بلون داكن وربما أدت أيضاً إلى أذيتها. لذلك كان تناولها المحسوب أمراً هاماً يجب الانتباه إليه.


 


إن معجون الأسنان الحاوي على الفلور هو أيضاً طريقة هامة لتقديم هذه المادة ولحماية الأسنان من التسوّس. وطالما أننا نتكلّم عن صحة الأسنان فلا بد من أن نضيف أن من الضروري عدم تناول كميات زائدة من العصير ومنع إعطاء الطفل زجاجة حاوية أية سائل سكري عندما يأوي إلى فراشه (كالعصير والصودا وحتى الحليب) لأن ذلك يؤدي إلى التسوّس إضافة إلى أهمية مراجعة طبيب الأسنان مرتين كل عام.


 


عندما تشاهد كلمة (الفلور) على علبة معجون الأسنان في زيارتك القادمة إلى المتاجر أو الصيدليات فإنك ستعلم أن هذه المادة ذات أهمية بالغة في صحة الأسنان. هي مادة محيّرة ولكن المعرفة وإدراك أهمية التوازن بشأنها يزيل هذه الحيرة بالتأكيد. 


 

Close Menu