اللقاحات …. نصف الحقيقة لا يكفي!

 


 


 


اللقاحات …. نصف الحقيقة لا يكفي!


 


 لو سألتني عن أكثر ما  يثير انزعاجي أثناء ممارستي لعملي لما ترددت  في إجابتك ولو للحظة واحدة. أم تشرح لها كل أضرار الأمراض الإنتانية المعدية….. ومعظمها أمراضٌ فتاكة مثل شلل الأطفال والتهاب السحايا والسعال الديكي والخانوق ــ على سبيل المثال لا الحصر  ــ ثم تقول لك: إنني لا أريد اللقاحات!


 


أمر كهذا مرّ معي عدة مرات عبر سنوات العمل في هذا الاختصاص، ولكنني أصاب بانزعاج شديد كلما حصل مرة أخرى وكأنه لم يحصل من قبل. وأسأل نفسي قبل أن أسأل العائلة التي ترفض اللقاحات: كيف يمكن لأي شخص أن يرفض أن يعطي ولده لقاحاً يمكن أن يحميه من داءٍ لا شفاء منه؟ إن كلاً من هذه اللقاحات اعتبر فتحاً علمياً إبان اكتشافه، وبذل العلماء الذين ابتكروه جهوداً مضنية ليس لها إلاّ هدفٌ واحد هو إنقاذ البشرية من شبح مرض قد يكون قاتلاً. فقبل عصر اللقاحات كان مرضٌ مثل التهاب السحايا ينتشر في جميع أنحاء العالم بما فيه العالم المتقدّم ــ الذي لم يكن متقدماً بعد في عرف الكثيرين قبل اكتشاف اللقاحات ــ ويقتل الآلاف كل عام. ثم يأتي أبٌ أو أمّ ليمحوا جهوداً استمرت أعواماً بل عقوداً طويلة بعبارة واحدة لا مبرر لها.


 


منذ أيام قليلة زارني في عيادتي أبٌ ذو ثقافة وله عمل محترم. أحضر لي طفلته الصغيرة التي بلغ عمرها شهراً واحداً. عندما بدأتُ أشرح له برنامج اللقاحات التي تعطى للطفل في سنوات عمره الأولى، قال لي: لا داعي للشرح يا دكتور… فأنا وزوجتي بحثنا الأمر وقررنا ألا نعطي طفلتنا أي لقاح.


 


 قلت: لماذا؟


 


 قال: لأننا شاهدنا منذ فترة برنامجاً بُث على شاشة إحدى المحطات الكبرى. البرنامج استمر ساعةً كاملة وكان موضوعه (الأضرار التي تنجم عن اللقاحات). وهذا البرنامج دعانا ــ أنا وزوجتي ــ لقراءة كتب تبحث في الموضوع ذاته. وكانت نتيجة ذلك كلّه أننا قررنا عدم إعطاء اللقاحات لطفلتنا!!


 


ــ  هذه القصة ليست جديدة … لكن الجديد والغريب أن يكون هذا المنطق صادراً عن رجل مثلك له عقل راجح و خلفية ثقافية جيدة.


 


 *  أوليس للقاحات تأثيرات جانبية؟


 


 ــ بلى!


 


 *  وأنت تقترح عليّ ــ على الرغم من هذه التأثيرات الجانبيةــ أن أجعل ابنتي تتلقى اللقاحات؟


 


ــ  تماماً!


 


 * هذا هو المنطق الغريب، وليس منطقي أنا.


 


  ــ  أنت رجل علم أليس كذلك؟


 


* بلى.


 


 ــ  عندما تكون بصدد القيام بأمر ما ، ألا تقوم بمقارنة منافعه ومضاره فإذا رجحت منافعه أقبلت عليه وإذا رجحت مساوئه ابتعدت عنه؟


 


  * بلى.


 


  ــ لقد شرح البرنامج التلفزيوني الذي تتكلّم عنه التأثيرات الجانبية للقاحات، فهل شرح لك مضاعفات المرض في حال حصوله؟


 


  * لا! ولكنهم كانوا يتكلّمون عن أحد اللقاحات وقالوا إنه قد يؤدي إلى التهاب الدماغ.


 


 ــ  فإذا قلت لك إن نسبة التهاب الدماغ في حال حصول المرض الذي يحمي منه اللقاح تفوق بمئة ألف مرة (وهذا رقم علمي) نسبة حدوث التهاب الدماغ الناجم عن اللقاح فماذا يكون رأيك؟


 


*  في هذه الحال فأنا أفضل إعطاء اللقاح طبعاً.


 


ــ  وهذا ما أحاول أن أقنعك به!


 


 *  وماذا تسمّي جميع اللقاءات التي أجراها مذيع البرنامج مع خبراء ذكروا أشياء مخيفة عن التأثيرات الجانبية للقاحات؟


 


ــ  وهل كان بين جميع هؤلاء (الخبراء) طبيب واحد؟


 


*  لا!


 


 ــ وهل أتوا بأحد يتكلّم عن الأضرار الناجمة عن عدم إعطاء اللقاحات كما تكلم آخرون عن أضرار اللقاحات؟


 


 *  لا.


 


 ــ  فأنا أجيبك الآن…. ما فعله البرنامج التلفزيوني ــ الباحث عن السبق الصحفي وإثارة فضول المشاهد ــ ليس له لدي إلا اسم واحد …. نصف الحقيقة!


 


 


 


 


 

Close Menu