غضاريف سمك القرش وعلاج السرطان
ربما كان السرطان من أكثر الأمراض التي دعت العلماء للتفكير بمعالجات جديدة . ولكن المشكلة الكبرى هي أن السرطان ليس سرطاناً واحداً، بل مجموعة كبيرة من الأمراض التي يصيب كل منها جزءاً أو عضواً من أعضاء الجسم، وهذا يجعل من إيجاد (علاج للسرطان) هكذا بإطلاق الأمر قضية صعبة بل خيالية.
ولا شك أن العلم من خلال التقدم الهائل الذي طرأ عليه قد أدى إلى إيجاد الكثير من الأدوية التي تعتبر ناجحة في إحداث ما يسمى (الهجوع) للسرطان ولكنه لم يتمكن حتى الآن من إيجاد أدوية تزيل السرطان نهائياً ، أو ــ وهو الأفضل ــ أن تمنع السرطان من الحصول أصلاً.
إن هذه الصعوبة في إيجاد علاج ناجع قد فتحت المجال واسعاً لما يدعى بالأدوية البديلة. فالإنسان المصاب بنوع من السرطان لا يتمكن العلم من إيجاد حل له لن يتردد في استخدام أي دواءٍ بديل بحثاً عن أي بصيص أمل.
لقد لفتت نظر العلماء منذ فترة طويلة حقيقة علمية غريبة من نوعها. وحقيقتها أن الحيوان ــ الوحيد ربما ــ الذي لا يصاب بالسرطان من بين جميع المخلوقات الحية التي تعيش على الكرة الأرضية هو سمك القرش. وراحوا بالتالي يبحثون عن السر الذي يجعل هذا الحيوان غير معرّض لهذا الداء الفتاك.
وقام علماء متعددون بدراسة أنسجة هذا النوع من السمك وحاولوا استخدامها كعلاج للسرطان، وأجمعت أغلب الدراسات على أن أهم أقسام الجسم لدى سمك القرش والتي قد تكون مفيدة في هذا الباب هي الغضاريف. وقد اكتسبت غضاريف سمك القرش شهرة واسعة منذ عام 1983 بعد أن نشر باحثان من معهد ( ماساتشوستس) للتكنولوجيا بحثاً بيّنا فيه أن غضاريف سمك القرش تحتوى مواد يمكنها أن توقف نمو الأوعية الدموية التي تغذي الأورام، وبالتالي فبالإمكان استخدامها كدواء يمنع نمو السرطان ويقضي عليه. وأيدت هذه الدراسة دراسة أخرى قادمة من جامعة هارفارد تبين أن القضاء على الأوعية المغذية للسرطانات الصلبة قد تكون سببا في شفائها. ومنذ ذلك التاريخ صدرت أبحاث عديدة يعتقد الذين أصدروها أنهم قد وضعوا أيديهم فعلاً على المادة الفعالة في هذه الغضروف والتي تفيد في القضاء على السرطان.
الأسواق التجارية الدوائية لم تكذب خبراً بطبيعة الحال، وبدأت تنتج غضاريف سمك القرش على شكل مسحوق يتم تناوله عن طريق الفم بعد خلطه بالعصير أو الماء وراحت تسوّقه في مخازن الأغذية الصحية. وقد تمكن الأطباء في بعض المشافي ــ خصوصاً في المكسيك ــ من الحصول على نتائج وصفوها بالإيجابية في هذا الباب.
ولم تقتصر النتائج التي ذكرت في هذا الباب على معالجة السرطان، بل تجاوزتها إلى معالجة نقص تكلّس العظام وداء الصدف الذي لا يعنو للمعالجات التقليدية بسهولة. وصدرت العديد من التقارير التي تذكر تحسن الكثير من المرضى بعد استخدام هذا الدواء.
وكالكثير من المعالجات البديلة، فإن غضاريف سمك القرش لم تصبح بعد أدوية بشكل رسمي، ولم تعترف بها الكثير من الهيئات الصحية والسلطات الدوائية في البلدان العديدة. فالحصول على اعتراف كهذا يتطلب الكثير من الأبحاث التي تحتاج للوقت والمال. وريثما تكتمل الأبحاث في هذا المجال تبقى غضاريف سمك القرش بصيصاً من النور قد يتحوّل لا حقاً إلى أمل حقيقي للشفاء من مرض لا يزال يشكل مشكلة كبيرة في عالم الطب اسمه السرطان.