ما يجب أن تعرفه عن داء الصدف
Psoriasis
كثيراً ما يختلط داء الصدف عند الناس بأمراض جلدية أخرى كالإكزما، وربما حصل اضطراب في المعلومات أدى إلى مفاهيم خاطئة. تأتينا الكثير من الأسئلة بشأن هذا المرض. فما هي حقيقته؟ وما هي مضاعفاته وكيف يتم علاجه؟
الصدف
قد يستغرب البعض عندما يعرف أن الصدف هو من أمراض المناعة الذاتيةautoimmune disease وهذا يعني أنه ينتمي إلى تلك الفئة من الأمراض التي يقوم فيها جهاز المناعة بمهاجمة عضو من أعضاء الجسم. وبمعنى آخر ــ في حالة الصدف ــ فإن جهاز المناعة لدى الإنسان يرتكب خطأ فيعتقد أن الجلد هو جسم غريب فيقوم بمهاجمته. وهنا نذكر أن الصدف ليس مرضاً أنتانياً أو مُعدياً فهو لا ينجم عن أي عامل ممرض كالجراثيم والفيروسات والفطور وغيرها. وللصدف خمسة أنواع تختلف باختلاف الاندفاعات الجلدية وأشيعها اللويحي plaque حيث تحصل الاندفاعات على شكل لويحات تغطي الجلد. ولا داعي للخوض في التفاصيل في هذه العجالة.
وصف الصدف
الاندفاعات في الصدف هي على شكل تراكم جلدي جاف يتواجد بشكل لويحات (في الشكل اللويحي) ويأخذ لوناً أبيض فضياً. أشيع أماكن الحدوث هي المرفقان والركبتان ولكن يمكن أن تظهر الاندفاعات في أي مكان مثل الفروة والراحتين والأخمصين والأعضاء التناسلية. وبعكس الإكزما فإن الأماكن الظاهرة للمفاصل هي أشيع من الأماكن الباطنة لها. وهذه الحالة هي معاودة تتراوح من لويحات بسيطة في أماكن محدودة من الجسم إلى شمول الجسم بالكامل. ولابد هنا من أن نذكر أن الأظافر كثيراً ما تصاب في هذا المرض. وربما حصلت إصابة الأظافر بشكل معزول فنسميها (الحثل الصدفي للظفر) . وكثيراً ما تصاب المفاصل بالالتهاب وهذا يعرف بـ (التهاب المفاصل الصدفي) وهذه الحالة شائعة حيث أنها تحصل بنسبة تتراوح بين 10 و30 بالمئة من المصابين.
الأسباب
إن الآلية المرضية للصدف هي مناعية ذاتية كما ذكرنا أما السبب المباشر الذي يجعل شخصاً ما يصاب به وشخصاً آخر لا يصاب فغير معروف تماماً، وإن كانت قد ذكرت فرضيات عديدة في هذا المجال. ومن بين هذه الفرضيات التوتر وسحب الستروئيدات (أي الإيقاف المفاجئ للأدوية الكورتيزونية عند شخص تناولها لفترة طويلة). وكثيراً ما يُذكر في الأدب الطبي حصول الهجمة الأولى للصدف بعد التهاب بالجراثيم العنقودية أو حصول الشدة النفسية أو أذية الجلد. وقد وردت تقارير كثيرة عن حصول اشتداد المرض نتيجة استخدام بعض الأدوية مثل مضادات الملاريا وأملاح الليثيوم وحاصرات بيتا (التي تعطى لعلاج تسرع القلب) ونذكر أيضاً أن البدانة هي أحد عوامل حصول المرض كما أن تناول الكحوليات والتدخين هي من الأسباب التي تم ذكرها. وهنالك دراسات أشارت إلى دور المستحضرات التجميلية مثل مثبت الشعر وكريمات الوجه المطرية.
التأثير والشدة
إن الصدف هو مرض مزمن ولا بد من أن نوضح أن الحالات الشديدة منه قد يكون لها تأثير على نوعية الحياة لدى الفرد. إن الحكة والألم هما العرضان الشائعان في هذا المرض وبالتالي فعندما تكون الإصابة في منطقة حيوية من الجسم كالقدمين واليدين فإن هذا سيكون له تأثير على الوظائف الحياتية كالمشي والنوم والرياضة والعناية بالأطفال بالنسبة للأمّهات المصابات. كما أن اللويحات التي قد توجد على الفروة كثيراً ما يكون لها تأثير محرج لأنها تسبب بحصول قشرة كثيفة على الرأس. وكثيراً ما ينتاب المصابين قلق بشأن المظهر عندما تكون الآفات الجلدية موجودة في أماكن ظاهرة للعيان. وهنالك بعض المصابين الذين قد تصل بهم المعاناة إلى حصول الاكتئاب والعزلة الاجتماعية. وللدلالة على أهمية هذا الأمر نذكر أن المؤسسة القومية للصدف في أمريكا أجرت في عام 2008 دراسة إحصائية شملت 426 مصاباً بالمرض بيّنت أن أكثر من 70% منهم يعتبرون المرض مشكلة مؤثرة بالنسبة لهم. وأن ثلث هؤلاء المرضى كانوا يتجنبون اللقاءات الاجتماعية تجنباً للإحراج.
درجات الصدف
إضافة إلى تقسيم المرض إلى أنواع مختلفة، فإنه يُقسّم إلى درجات مختلفة أيضاً فهنالك الخفيف (الذي يصيب أقل من 3% من مساحة الجلد) ثم المتوسط (3ـ10% من مساحة الجلد) ثم الشديد الذي يتجاوز 10% من المساحة. على أن الشدة لا تقاس بالمساحة المصابة من الجلد فقط ولكن هنالك عوامل أخرى كتكرار النوب الاشتدادية للمرض وسماكة اللويحات وشدة الاحمرار.
الصدف والوراثة
الوراثة لها أهمية كبيرة في الصدف ولكن آليّاتها غير واضحة وإن كان العلماء قد وجدوا تسعة مواقع جينية على صبغيات (كروموزمات) مختلفة تؤهّب لحصول المرض كما أن الجينة المسببة بشكل مباشر للصدف قد تم اكتشافها مؤخراً. فالأمر تجاوز إذاً مرحلة النظريات ووصل إلى مرتبة الحقيقة العلمية. والجانب الآخر هو أن هنالك علاقة واضحة جينياً بين الاستعداد للصدف والاستعداد للالتهاب.
كيف يشخّص الصدف؟
إن مظهر الجلد هو العامل الأهم للطبيب لوضع التشخيص، حيث أنه لا توجد فحوص دم أو تصوير شعاعي تشخص.ولكن في بعض الأحيان قد يلجأ الطبيب لإجراء خزعة جلدية لتفريق المرض عن أمراض أخرى مشابها وخصوصاً في الحالات التي قد تكون ملتبسة.
المعالجة
هنالك أشكال مختلفة من الأدوية التي تستخدم في علاج الصدف. وبشكل عام تستخدم المعالجات الموضعية كالمراهم في الحالات الخفيفة وتستخدم المعالجة الضوئية في الحالات المتوسطة، أما الحالات الشديدة فتستلزم ما يدعى بالأدوية الجهازية (أي التي تعطى عن طريق الفم أو حقناً عضلية وتحت الجلد).
المعالجات الموضعية تعتبر الأهم والأشيع استعمالاً. وهي تشمل محاليل الاستحمام (مثل ملح إبسوم) والمرطبات الجلدية والزيوت المعدنية والمراهم البترولية المنشأ. وطريقة عملها جميعاً هي زيادة الرطوبة الجلدية وبالتالي التغلّب على الجفاف الجلدي الذي يعتبر العلامة الأهم في هذا المرض. إن المراهم التي يتم تطبيقها مباشرة على الآفات تساعد في التخلّص من الالتهاب لدرجات مختلفة، كما أنها تزيل تراكم الجلد المتقرّن وتنقص دورة إعادة تشكّل الجلد إضافةً إلى أنها تزيل اللويحات المميزة للصدف. إن المواد المستخدمة في هذه المستحضرات هي مختلفة اختلافاً واسعاً حيث أن منها ما يحوي على القار الفحمي والستيروئيدات (الكرتيزون) والفيتامين (د) ومشتقات الفيتامين (آ). وكل منها يعمل بآلية مختلفة. وعلى سبيل المثال فإن الستروئيدات تخفف من العملية الالتهابية كما أن مشتقات الفيتامين (د) تنقص تكاثر الخلايا الجلدية. وإن استخدام أكثر من عامل قد يزيد الفعالية ويعتمد هذا على تقدير الطبيب وتصوّره للآلية التي تسيطر لدى مريض معيّن.
إن إحدى وسائل العلاج هي المعالجة الضوئية والتي تستخدم ضوءاً شبيها بضوء الشمس من حيث طول الموجة الضوئية. ولا بد من تحديد وقت الجلسات الضوئية بدقة من قبل الطبيب لتجنب حصول الالتهاب الضوئي. وهنالك طريقة علاجية تسمى طبياً (بوفا) تشمل المشاركة بين العلاج الضوئي والدوائي.ولكن هذه الطريقة قد تؤدي لتأثيرات جانبية عديدة منها الغثيان والصداع والتعب والحكة. وبالتالي فإنها تستخدم في الحالات الشديدة فقط.
وأخيراً
إن الصدف يعتبر من الأمراض المزمنة التي تتطلّب صبراً في المعالجة من قبل الطبيب والمريض وإن اتباع التوصيات الطبية يساعد في السيطرة على أعراض هذا المرض.