إنفلونزا الخنازير في العالم …. آخر الأخبار!!!

 


 


 


إنفلونزا الخنازير في العالم …. آخر الأخبار!!!


 


مضى ما يقارب الثلاثة أشهر منذ تحدثنا في هذه الزاوية عن إنفلونزا الخنازير للمرة الأخيرة. وخلال هذه الفترة حصلت أشياء كثيرة… تغيّرت الأرقام والمفاهيم وماهو مطلوب طبياً من وجهة نظر الاستقصاء المخبري والمعالجة وغير ذلك. ولن يعتقد أي قارئ ــ فيما نظن ــ أننا نبالغ إذا قلنا إننا نسأل عن هذا المرض عشرات المرات في كل يوم سواء من خلال الهاتف أو عند زيارة الأهل للعيادة. فما هي آخر الأخبار في هذا الشأن؟


 


 أرقام


حتى تاريخ كتابة هذا المقال أصبح هنالك على المستوى العالمي 182 ألف حالة مؤكدة مخبرياً من المرض كان نصيب الأمريكتين منها حوالي 100 ألفاً وأوربا 32 ألفاً وجنوب شرق آسيا 13 ألفاً. وحصلت 1799 وفاة كان نصيب الأمريكتين منها 1579 حالة  وأوربا 53 حالة وجنوب شرق آسيا 106 حالات. وتشمل هذه الإحصاءات 177 بلداً في كافة أنحاء العالم.


 


هل هي صحيحة؟


 


طبعاً هذه الأرقام التي ذكرناها هي أرقام صمّاء تحتاج دون شك إلى شرح. والسؤال الأوّل والطبيعي الذي لا بد من طرحه هو هل أن هذه الأرقام صحيحة؟ والجواب هو لا. وهذا  الجواب ليس تحليلاً شخصياً إنما يذكره من قدّم هذه الإحصاءات وهو منظمة الصحة العالمية التي تعمل بشكل مستمر على السيطرة على المرض من خلال تحديد أرقامه والعمل على دراسة المعالجة والوقاية.


إن النقطة الأساس التي تجعل هذه الأرقام غير دقيقة ــ حسب تصريح منظمة الصحة العالمية ــ هو أن العديد من الدول قد أوقفت الفحوص المخبرية لتشخيص المرض بحيث أن الأطباء في هذه البلاد لا يجرون اختبار إنفلونزا الخنازير في حال وجود الحمى والأعراض الأخرى للمرض طالما كانت الأعراض خفيفة أو متوسّطة وأصبحت الدراسات مقصورة على الحالات الشديدة وخصوصاً تلك التي تتطلّب القبول إلى المستشفى. هذا الأمر أثر بوضوح على الأرقام. وهذا التغيّر في سياسة إجراء الفحوص المخبرية هو أمر طبيعي ومتوقّع والعامل الاقتصادي هو أحد أهم الأسباب فيه. ومن غير المنطقي أن يتم إجراء الفحوص المكلفة لكل إنسان مصاب بأعراض خفيفة. فالفكرة المسيطرة على السلطات الطبية في معظم أنحاء العالم هي أن التعامل مع إنفلونزا الخنازير يجب أن يقوم على  اعتبارها السلالة الشائعة اليوم من الإنفلونزا. أي أنها عبارة ببساطة عن (إنفلونزا)!! وبالتالي فإن الأرقام الحقيقية للمرض هي أعلى بكثير مما تذكره الإحصاءات اليوم.


 


هل المرض في تزايد؟


إن معدلات انتشار إنفلونزا الخنازير كما تشير الدراسات قد بدأت بالتراجع في النصف الجنوبي للكرة الأرضية ما عدا جنوب أفريقيا حيث بدأ  انتشار المرض بشكل متأخر عن الدول الأخرى. ولا يزال هنالك انتقال فعّال للفيروس في أستراليا وتشيلي والأرجنتين. وبالنسبة للمناطق المدارية من آسيا فهنالك زيادة في معدّل المرض كما هو الحال في الهند وتايلاند وماليزيا وهونغ كونغ. كذلك فهنالك انتقال فعّال جداً للفيروس في المناطق المدارية لأمريكا الوسطى مثل كوستاريكا والسلفادور. وفي الولايات المتحدة الأمريكية ــ حيث لم يبدأ موسم الإنفلونزا العادية بعد ــ فإن معظم حالات  الإنفلونزا المؤكدة هي من نوع إنفلونزا الخنازير. التي سببت 8000 قبولاً إلى المستشفى و522 حالة وفاة مع انتشار عالٍ في ولايتي ألاسكا ومين.


 


 


 


ماذا عن العلاج؟


يتم علاج إنفلونزا الخنازير من خلال عقار (تاميفلو) الذي يتمكن من القضاء على الفيروس، ولكن لابد هنا من أن نذكر تقريراً صدر عن منظمة الصحة العالمية تقول فيه إن هنالك تقارير عن وجود 12 حالة مقاومة لهذا العقار. وتنجم المقاومة عن طفرة حصلت في مكوّنات الفيروس، ولكن فقد كانت هنالك استجابة في هذه الحالات لدواء آخر هو (زاناميفير). وقد حصلت حالات المقاومة هذه في بلدان مختلفة من العالم هي اليابان وأمريكا وهونغ كونغ والدانمارك وكندا وسنغافورة والصين. وهذه المقاومة تسبب قلقاً عند المختصين حيث أن انتشاراً واسعاً لها من شأنه أن يؤدي إلى زيادة احتمال وباء منتشر تصعب السيطرة عليه. 


 


و اللقاح؟


ربما كان السؤال الأكثر شيوعاً هذه الأيام من قبل الناس هو ذلك المتعلّق باللقاح. هل يمكن الحصول عليه الآن؟ ومتى يمكن  أن يبدأ التلقيح؟


لقد تم بالفعل تطوير اللقاح، وهذا أمر ذو أهمية. والمشكلة في إنتاج اللقاحات دائماً هي أنها تتطلّب وقتاً. أي أن اللقاح ليس قطعة تبديل سيّارة مثلاً وليس قميصاً يمكن إنتاج أعداد كبيرة منه في وقت قصير. فإنتاج اللقاحات يحتاج دائماً إلى وقت. ويتوقع الخبراء أن تتوفر حوالي 50 مليون جرعة من اللقاح بتاريخ 15 تشرين الأوّل أكتوبر من هذا العام. وهذا أقل من الرقم الذي كان متوقعاً في السابق (120 مليون جرعة).  ولكن ماذا يعني ذلك؟ إن الشخص الذي يحصل على اللقاح فوراً يحتاج إلى وقت لتطوير المناعة في جسمه. ويعتقد الخبراء القائمون على إعداد  اللقاح أن معظم الناس سيحتاجون لجرعتين من اللقاح بفاصل ثلاثة أسابيع للحصول على مناعة كافية ويحتاج الأمر إلى أسبوعين بعد الجرعة  الثانية لاكتمال حصول المناعة. أي أن نسبة كبيرة من الناس لن يكونوا ممنّعين فعلاً قبل موعد (عيد الشكر)!!


 


سلامة اللقاح


جميع التقارير التي صدرت عن السلطات الصحية في أمريكا تقول إن التجارب التي أجريت على المتطوّعين بيّنت عدم وجود مضاعفات ومشاكل ذات شأن من اللقاح. وحتى الآن فالتجارب قد أجريت على أطفال بين عمري 6 أشهر و17 عاماً. ولا يزال الأمر يحتاج لعدة أسابيع قبل أن نحصل على نتائج مقبولة إحصائياً وعلمياً لذكر معلومات بشأن اللقاح. والمتوقع أن تتم بعض الاختبارات على  الحوامل والمرضى ذوي الخطر العالي في شهر أيلول (سبتمبر) المقبل. ومن المعروف أن منظمة الغذاء والدواء الأمريكية تتطلّب دراسات واسعة ومكلفة قبل الموافقة على نشر اللقاح والهدف من هذه الدراسات هو تأكيد السلامة حيث أن  الفعالية وحدها لا تكفي للسماح بدخول أي دواء أو لقاح إلى الأسواق الطبية.


والآن؟


إن السلطات الصحية الأمريكية تخشى من حصول ما تدعوه (انفجاراً) في عدد حالات إنفلونزا الخنازير. وهذا التوقع منطقي والسبب هو أن الطقس يتجه نحو البرودة الآن كما أن الأطفال سيعودون إلى مدارسهم قريباً، وكلا هذين العاملين يزيد من انتشار الفيروس. إن حصول هذا الانفجار ليس مؤكداً ولكن هنالك قلقاً كبيراً بشأنه في مختلف  أنحاء العالم. وهذا القلق عبرت عنه أيضاً منظمة الصحة العالمية. علماً أن إنفلونزا الخنازير تؤثر على الصغار بالعمر نسبياً أكثر من غيرهم حيث أن 75% من حالات إنفلونزا الخنازير و60% من الوفيات حصلت في أناس عمرهم أقل من 49 سنة. وهذا يجعل (القلق المدرسي) مشروعاً تماماً.


 


خوف أم اطمئنان؟


إن قراءة تقارير إنفلونزا الخنازير الصادرة  عن الهيئات الطبية في أمريكا والعالم قد توقع القارئ في نوع من (الأرجوحة العاطفية الطبية). فبعض التقارير تذكر احتمال وقوع الانفجار الذي تكلّمنا عنه، وأخرى تقول إن إنفلونزا الخنازير ليس إلاّ (إنفلونزا) عادية بكل بساطة وإنها ليست مرضاً قاتلاً. فما هو التناول السليم للأمر؟ إن الطريقة المثلى للتعامل مع هذا المرض هي الحذر الذي لا يؤدّي إلى الذعر. فالمرض له أهمية وبائية كما هو واضح، ولكنه من جهة أخرى ليس مرضاً غير قابل للشفاء. فالعلاجات فيه فعّالة إلى حد بعيد و يتم العمل بجد على إنتاج اللقاح وتسويقه قريباً لعلّه يساعد في السيطرة على انتشار المرض. وريثما نصل إلى النتائج النهائية بشأن المرض فكل ما علينا أن نفعله هو أن نتبع قواعد الوقاية  الصحية التي أثبتتها الدراسات وأن نعيش حياتنا الطبيعة بعيداً عن النقيضين … الخوف والتهاون.



 

Close Menu