أهمية الفيتامين (د) لصحة الإنسان وأعراض نقصه

أهمية الفيتامين (د) لصحة الإنسان وأعراض نقصه

أهمية الفيتامين (د) لصحة الإنسان وأعراض نقصه

 

كنت أفكر في كتابة هذا المقال منذ فترة طويلة ولم تسنح الفرصة. ولكن سيّدة كريمة تعمل في شركة للتأمين الصحي في مدينة ساوثفيلد في ميشيغان ذكّرتني مشكورة بهذا الموضوع وأهمية الكتابة عنه. والحقيقة أن هذا الأمر شغل بال الصحافة الأمريكية ــ وخصوصاً الطبية منها ــ لفترة طويلة وهو دون شك يستحق أن نتكلّم عنه.

 

دراسات

 

ما جعل الصحافة تتكلّم عن هذا الموضوع هو بعض الدراسات التي بيّنت أن عدد المصابين بنقص الفيتامين (د) في أمريكا يفوق ما يتوقعه المراقبون في بلد متقدم. مما جعل الكثير من الأطباء يقومون بمعايرة مستواه في الدم عند مرضاهم عند ظهور الأعراض التي تدعو لذلك. 

 

الفيتامين (د)

 

يعلم معظم الناس أن الفيتامين (د) مهم للعظام. ولكن الدراسات الحديثة بيّنت أن دور هذا الفيتامين يتجاوز هذه النقطة. فنقصه يلعب دوراً في الربو والسرطان والاكتئاب وأمراض القلب والداء السكري وحتى في السمنة. إن الدور الرئيس للفيتامين (د) في الجسم هو تسهيل  امتصاص الكالسيوم. ودون الكالسيوم تصبح العظام رخوة وضعيفة. ونقصه في الكبار يؤدي إلى ما يدعى رخاوة العظام أما في الصغار فيؤدي إلى ما يدعى (الخرع) الذي يتجلّى عادة بتقوّس الساقين وضعفهما إضافة إلى أعراض أخرى.

 

من أين يأتي الفيتامين (د)؟

 

في الظروف المثالية، لا يجب أن يكون هنالك قلق تجاه نقص هذا الفيتامين حيث يتم إنتاجه في الجلد. أي أن الجسم البشري ينتج بنفسه حاجته منه وهذا يتحقق بتعريض جزء من الجلد لضوء الشمس المباشر لمدة 15 إلى 30 دقيقة في اليوم. ولكن المشكلة في هذا هي أن التعرّض للشمس قد يؤدي لسرطان الجلد وبالتالي فهذه ليست الطريقة الأفضل لإنتاج هذا الفيتامين. إضافة إلى أن كمية أشعة الشمس ليست متوفرة كما يجب في كل أنحاء العالم. فبعض مناطق الدنيا هي غائمة بحيث أن أشعة الشمس غير كافية على مدار العام. هذه الأشعة متوفرة في المناطق الجنوبية للولايات  المتحدة الأمريكية وليست كذلك في المناطق الشمالية منها.  

 

الفيتامين (د) والغذاء

 

توجد كميات كافية من الفيتامين (د) في الحليب الذي أضيف إليه هذا الفيتامين (الحليب المقوّى) وبعض أنواع عصير البرتقال حيث أن بعض الشركات المنتجة للعصير بدأت تضيفه إليها. وكذلك بعض أنواع السيريال المقوّى. وأيضاً توجد كميات جيّدة في السمك وخصوصاً بعض أنواعه الغنية بالدهون كالسالمون والتونا والسردين. فكمية 45 غراماً من السلمون تعطي الكمية اليومية الموصى بها من هذا الفيتامين. وأيضاً فإن البيض والجبن وزيت السمك وكبد البقر واللبن الرائب (يوغورت) تحوي كميات طيّبة منه.

 

الحاجة اليومية

تقدّر الحاجة اليومية للجسم من الفيتامينات بـ (الوحدة الدولية). وتختلف الحاجة اليومية حسب العمر. فبالنسبة   للرضع المعتمدين على الإرضاع الطبيعي فيوصى بإعطائهم 400 وحدة دولية يومياً لإتمام حاجتهم من هذا الفيتامين. وتصبح الكمية المطلوبة 600 وحدة دولية بعمر سنة حتى عمر سبعين سنة. وتزداد الحاجة لتصبح 800 وحدة دولية بعمر 71 عاماً فما فوق. علماً أن في هذه الأرقام المذكورة بعض التبسيط حيث تذكر مراجع أخرى أرقاماً مختلفة، كما تتفنن بعض المصادر بذكر الكمية القصوى المسموح بإعطائها في كل عمر. ولا ضرورة للتفصيل هنا في هذا المجال.

 

 

 

عوامل الخطر

 

 

هنالك بعض العوامل التي تزيد احتمال الإصابة بنقص الفيتامين (د). منها التحسس للحليب، ونقص تناول الأغذية الغنية بهذا الفيتامين كسمك السالمون والبيض. و يكثر في الأشخاص الذين يتبعون الحمية النباتية وأيضاً عند الذين يعيشون في مناطق لا تكون فيها أشعة الشمس كافية وأيضاً عند ذوي البشرة الداكنة. ويزيد حصول المشكلة عند البدينين (لأن الخلايا  الشحمية تسلب الجسم هذا الفيتامين فتقلل مستواه في الدم)  والمصابين باضطراب الامتصاص المعوي وخصوصاً في مرض يدعى (الداء الزلاقي)  وأيضاً بعض الأمراض الأخرى مثل داء (كرون) وداء البنكرياس الليفي .وأولئك الذين تجاوز عمرهم 50 عاماً. كما أن بعض الأدوية تنقص امتصاص هذا الفيتامين فيحصل نقص مستواه في الدم حتى لو كانت الكميات الغذائية منه كافية والمثال على ذلك هو الستروئيدات (الكورتيزون) وبعض الأدوية التي تساعد في إنقاص الوزن مثل (أورليستات) وأيضاً  بعض الأدوية المستخدمة لإنقاص الكولسترول وأدوية الصرع مثل الفنوباربيتال.. وأيضاً فإن الأمراض الكلوية المزمنة تزيد إمكانية حصول المرض.

 

 

 

الأعراض والعلامات

 

قد يكون نقص الفيتامين صامتاً بحيث لا يعاني المريض من أية أعراض، وخصوصاً في حالات النقص الخفيفة والمعتدلة. وعندما تزداد شدة نقص الفيتامين يحصل ألم العظام وضعف العضلات. وكما ذكرنا، ففي حال حصول المرض في الأطفال تحصل الحالة المسماة (الخرع) أو (الرخيطس) حيث يلاحظ حصول تقوّس في الساقين واضطراب في المشية. إن المصابين بنقص الفيتامين (د) تزداد لديهم نسبة الوفاة من الأمراض القلبية الوعائية ويحصل لديهم اضطراب في التفكير والإدراك كما قد تحصل حالات الربو الشديدة في الأطفال وربما حصل السرطان. ولقد وجد الباحثون دوراً هاماً لهذا الفيتامين في العلاج والوقاية بالنسبة لبعض الأمراض كالداء السكري بشكلية الأوّل والثاني وارتفاع الضغط الدموي وعدم تحمل الغلوكوز وكذلك في المرض المسمى التصلّب  العديد.

 

نقص الفيتامين (د) والسرطان

 

إن نقص هذا الفيتامين يجعل الإنذار سيّئاً عند النساء المصابات بسرطان الثدي. حيث يزيد نسبة انتشار المرض بما يتجاوز 90%  ويزيد نسبة الوفاة خلال السنوات العشر التالية للتشخيص بمقدار 70%!! كما أن دراسات أخرى تبيّن أنه ربما كان لهذا الفيتامين دور في الوقاية من هذا النوع من السرطانات. ويضاف إلى ذلك أن بعض الأبحاث بيّنت دوراً وقائياً له في سرطان الكولون وسرطان البروستات.

 

نقص الفيتامين (د) وارتفاع ضغط الدم

إن وجود كلا المرضين، ارتفاع الضغط الدموي ونقص الفيتامين (د)، عند مريض واحد هو خليط قاتل. فقد وجدت إحدى الدراسات أن وجود نقص هذا الفيتامين يضاعف نسبة حصول الاحتشاءات القلبية عند المصابين بارتفاع الضغط الدموي.

 

نقص الفيتامين (د) والسمنة

 

بعد سن اليأس يزداد الوزن عند معظم النساء حتى يبلغن سن الستين. وهنالك بعض الأدلّة على أن تناول الفيتامين (د) والكالسيوم قد يبطئ هذه الزيادة في الوزن. وهذه ميزة هامة جداً لهذا الفيتامين، خصوصاً إذا عرفنا المضاعفات الخطرة للسمنة من ارتفاع الضغط الدموي والمشاكل القلبية وغيرها.

 

نقص الفيتامين (د) والاكتئاب

 

لقد أظهرت الدراسات أن انخفاض مستوى الفيتامين (د) تزيد نسبة الاكتئاب عند المرضى المسنين من الجنسين. وعلى  الرغم من أن  السبب في هذه الملاحظات غير واضحة، إلاّ أن نقص هذا الفيتامين يزيد من الإفراز الهرموني للغدد نظيرة الدرق وربما كان هذا النشاط الإفرازي الزائد هو السبب المباشر في الاكتئاب.

 

 

 

الفحوص المخبرية

 

هنالك أشكال عديدة للفيتامين (د) في الجسم، وأدقها للاختبارات هو ما يدعى (25 هيدروسي فيتامين د). حيث يتم تحويل هذا الشكل من الفيتامين في الكلية إلى الحالة الفعالة التي تزيد امتصاص الكالسيوم والفوسفات من الأمعاء إلى الجسم. والمستوى الطبيعي هو 25 إلى 74 نانوغرام في المليليتر من الدم.

 

معالجة نقص الفيتامين (د)

 

إن المعالجة بطبيعة الحال تعتمد على  تقديم كميات محسوبة بعناية من الفيتامين (د) سواء من خلال الغذاء أو الأدوية أو زيادة التعرّض للشمس. ولا بد أن نفرّق هنا بين الحاجة اليومية من الفيتامين والتي ذكرناها أعلاه، وبين الكميات  المطلوبة لعلاج نقص الفيتامين والتي تزيد أضعافاً عن الحاجة اليومية ويتم حسابها من قبل الطبيب بناءً على النتائج المخبرية.

 

 

 

Close Menu