كرسي السيّارة…. أرقام وحقائق

 


 


 


كرسي السيّارة…. أرقام وحقائق


 


 


لم أكن أعلم أهميّة هذا الموضوع الذي أنا بصدده الآن إلاّ عندما دخلت مركزاً تجارياً يبيع الحاجيات المخصصة للأطفال. كالعادة ــ في أي جوّ استهلاكي ــ كانت البضائع المعروضة منتشرة على مساحات واسعة من المكان. الــ (ماركات) والعلامات التجارية كانت تتنافس بشكل رهيب لا يمكن تصوّره… التنافس بالألوان …. والأشكال … والرسوم الكارتونية. كل يعرض بضائعه. وهذا أمر لا مشكلة فيه بطبيعة الحال فالتنافس أمر مطلوب. ولكن المشكلة هي في أمر بسيط يتلخّص في الحيرة الكبيرة التي يعاني منها الأهل عندما يحاولون أن يختاروا ما يلزم أطفالهم.


 


 أي الزجاجات هي الأفضل؟


 


  أي أحواض الحمام هي الأحسن للطفل الرضيع؟


 


 أي المراهم والدهون هي الأنسب لحماية جلد الطفل؟ وهل هي ضرورية أصلاً؟


 


 كان من الواضح أن الإجابات الصريحة على تلك الأسئلة هي آخر ما يمكن أن يكون متوفراً في تلك الأجواء. وقد بدا لي أن الموظفين الذين يقومون ببيع البضائع يعلمون ما يفعلون. كما يقال… إلى أن تهادى إلى سمعي في ذلك المركز التجاري حوارٌ عرفت بعده أنه لا بد من شرح ٍ ــ مكتوب ــ لموضوعه ذي الأهمية البالغة.


 


 


سؤال بسيط .. لا جواب


 


عندما اقتربت سيّدة يبدو أنها تمارس للمرة الأولى تجربة الأمومة من البائع ــ الذي كان بدوره يمارس للمرة الأولى تجربة عمله على ما يظهر ــ سألته السيّدة: إلى أي عمر يمكنني أن أستخدم كرسي السيارة المخصص للرضيع؟


 


أجابها البائع بعد تردد: إلى عمر السنتين!!


 


 قالت له: ولكن جارتي أخبرتني أن علي أن أستخدمه إلى عمر سنة واحدة.


 


 أجابها ــ كعادة الموظفين والباعة عندما يصل أحدهم إلى حائط مسدود ــ  : دعيني أسأل المشرف عن القسم!!


 


 عندما وصل الحوار إلى هذه المرحلة، غادرت المركز وعدت إلى منزلي لأكتب هذه الكلمات!


 


كرسي السيّارة


 


إن كرسي السيّارة المخصص للأطفال هو من الأدوات المنقذة للحياة فعلاً. ولا يمكن الاستغناء عنه مطلقاً بالنسبة لأي طفل. والأمر ليس مطلوباً من الناحية الطبية والمنطقية فقط، بل أيضاً من الناحية القانونية.  حيث أن استخدامه هو قانون إلزامي في معظم الولايات الأ مريكية. إن الطفل ــ في حال عدم استخدام الكرسي ــ معرّض لمخاطر جسيمة أثناء الحوادث أو التوقف المفاجئ حتى بسرعات منخفضة.


 


أنواع الكرسي


 


لكرسي السيارة ثلاثة أنواع جميعها تستخدم بطبيعة الحال في المقعد الخلفي للسيارة.


 


 فالنوع الأوّل هو ما يدعى كرسي الرضيع Infant Car Seat ، وفيه يكون رأس الطفل نحو الأمام وهو ينظر إلى الخلف. ويتم استخدامه حتى يبلغ عمر الطفل السنة أو يبلغ وزنه 20 باوند (أي حوالي 9 كيلوغرام).


 


والنوع الثاني هو كرسي الطفل الدارجToddler Car  Seat   وفيه يكون رأس الطفل إلى الخلف وهو ينظر إلى الأمام. ويتم استخدامه منذ أن يصبح وزن الطفل 20 باوند إلى أن يبلغ 40 باوند (وهذا يحصل بعمر 4 سنوات وسطياً).  ونذكر هنا أن بعض كراسي الرضيع يمكن أن يتم تحويلها إلى كراسي الدارج بإجراء تعديلات بسيطة عليها بعد أن يبلغ الطفل الوزن الملائم.


 


 ننتقل بعد ذلك إلى ما يدعى الكرسي الداعمBooster Seat ، وهو يستخدم منذ أن يصبح وزن الطفل 40 باوند (أي 18 كيلوغراماً تقريباً) إلى أن يصبح وزنه 80 باوند (أي حوالي 36 كيلوغرام). وهذا الكرسي الداعم يرفع مستوى جلوس الطفل في السيّارة ويمكنه من الرؤية خلال النافذة ومن الاستخدام الملائم للحزام الواقي. إن هذه الأرقام المذكورة في هذه الفقرة هي أرقام سحرية وهامة جداً ولا يجب الاستهانة بها على الإطلاق.


 


 لقد وجدت بعض الدراسات أن نسبة من الأهل تقوم بنقل الطفل من أحد أنواع الكراسي إلى النوع التالي قبل الموعد المحدد، وقبل الوصول إلى الوزن المطلوب. وفي هذه  الحال فإن وظيفة الكرسي لا تكون في وضعها الأمثل، إضافةً إلى ذلك فإن الأمر يعطي هنا شعوراً كاذباً بالأمان. فطفل وزنه 15 باوند لا يكون آمناً في كرسي الطفل الدارج لأنه ببساطة غير مؤهل للانتقال له بعد. كما أن الكرسي الداعم يجب أن يستخدم دائماً لوقاية الطفل من خلال حزام الأمان. وفي حال نقله لمرحلة الكرسي الداعم في مرحلة مبكرة فإن الأمر له نتائج خطرة. فقد لاحظت إحدى الدراسات أن نسبة الوفيات بالنسبة للأطفال الذين يستخدمون حزام الأمان قبل الوصول إلى العمر أو الوزن الملائم هي أعلى بحوالي ثلاث مرات ونصف من الوفيات الحاصلة في الأطفال الذين يستخدمون مقعد الطفل الملائم للوزن. إن تأكيدنا على هذه الأرقام والتطويل النسبي في شرحها هو لسبب يجب أن يكون واضحاً.


 


 


الأوضاع الطبيعية


 


إن أفضل مكان يوضع فيه كرسي الطفل هو في المقعد المتوسط الخلفي من السيّارة. ويجب أن يعلم الأهل أنه يمنع تماماً أن يتم وضع كرسي السيّارة في الكرسي الأمامي المجاور للسائق لأن هذا يعرّض الطفل لأخطار كبيرة جداً في حال حصول الحوادث أو في حال حصول التوقف المفاجئ كما ذكرنا. ويمنع أن يجلس أي طفل دون 12 سنة من العمر في المقعد الأمامي .


 


السيّارت الحديثة


 


نظراً للأهمية البالغة لموضوع كرسي السيّارة، فإن الأمر تم تعميمه وأخذه بعين الاعتبار من قبل شركات السيّارات. حيث أن السيّارات المصنوعة في عام 2002 وما بعده أصبحت مزوّدة بجهاز وصل مخصص لوضع كرسي السيّارة بالشكل الملائم والذي يضمن سلامة الطفل. كما أن بعض السيّارات أصبحت مزوّدة بكرسي أطفال مسبق الصنع يمكنه أن يحمي الطفل بين وزني 20 و40 باوند.


 


حقائب الهواء الواقية


 


عندما نتكلّم عن الوقاية داخل السيّارة فلا بد من كلمة عما يدعى حقائب الهواء الواقية Air Bags والتي تزوّد بها السيّارات. لقد أصبحت هذه الحقائب الهوائية من العناصر التي تزوّد بها جميع السيّارت منذ عام 1996. وتذكر السجلاّت المرورية أن هذه الحقائب قد أنقذت حتى الآن حوالي 4750 إنساناً من الموت في الحوادث. ولكن لا بد من أن نذكر الوجه الآخر للعملة. فالسجلات تذكر أيضاً  أن هذه الحقائب قد تسببت في موت 146 إنساناً بما فيهم 84 طفلاً. وإذا تفحّصنا أكثر في الأمر لوجدنا أن معظم حالات وفيات الأطفال الحاصلة بسبب الحقائب كان فيها استخدام غير ملائم لكرسي السيّارة إذ وضع كرسي الرضيع في المقعد الأمامي للسيّارة حيث توجد حقيبة هوائية. وأيضاً ذكرت حوادث كان فيها الطفل قد وضع في السيّارة دون استخدام الكرسي الواقي وفي مكان في السيّارة قريب من حقيبة هوائية. وعلينا أن نتذكر أن انتفاخ الحقيبة الهوائية هو حادث (انفجاري)، بمعنى أنه يولّد ضغطاً شديداً، فإذا تم تطبيق هذا الضغط على القسم الخلفي لكرسي السيّارة المخصص للرضيع فإنه قد يؤدي إلى أذية شديدة وربما قاتلة. إن هذا الكلام يهدف إلى توضيح نقطة أساس. وهي أنه من الممنوع منعاً باتاً استخدام كرسي الرضيع (أو أي كرسي واقٍ) في المقعد الأمامي للسيّارة. ويجب أن يكون معلوماً أن كون الطفل في كرسي ملائم لحجمه وأيضاً وضع هذا الكرسي في المكان الموصى به هما أمران أساسان للحصول على النتائج المطلوبة من الكرسي.


 


الختام


 


كثيراً ما يقلل بعض الأهل من أهمية الوسائل الوقائية في حماية أطفالهم أثناء قيادة السيّارة، وهذا الأمر لا يجب أن يحصل أبداً. إن علينا كأهل أن نقوم بكل ما يمكن أن نقوم به لحماية أطفالنا وهذا  ممكن جداً بوساطة استخدام هذه الأدوات التي لم نتمكن من الوصول إليها إلا بعد أبحاث طويلة ومضنية وبعد تطوير مستمر لتقنياتها. إن الأرقام التي تنشر تباعاً في المجلات والصحف والدوريات التي تهتم بشؤون وصحة الطفل تثبت بشكل دائم أن هذه الوسائل هي أدوات ثمينة وهامة جداً للمحافظة على الطفل الذي هو هبة ربانية يجب أن نعمل جميعاً وباستمرار لإثبات أننا نستحقها. 


 


 


 

Close Menu