عضّة الصقيع …. أسئلة شائعة



 


 


عضّة الصقيع …. أسئلة شائعة


 


 


كثيراً ما تطرح عليّ  في هذا الطقس ذي البرودة الشديدة الذي نواجهه هذه الأيّام في ميشيغان، والمنتشر في الكثير من الولايات الأمريكية ، أسئلة تتعلّق بالبرد، وهل يمكن أن يؤدي إلى أذى يلحق بالجسم، ويزداد الأمر أهمية عندما يتعلّق الأمر بالأطفال، هل من الملائم أن يخرجوا مع الأهل إلى  الأسواق والزيارات الاجتماعية في هذه الأجواء؟ وهل يجب أن نسمح للطفل بالخروج إلى الهواء الطلق في الفرص التي تعطى للأطفال بين الحصص المدرسية. هذه الأسئلة من وجهة  النظر الطبية تصب جميعها في أذية أطلق عليها أحد (بلغاء الطب) ما يدعى اليوم (عضّة الصقيع).


 


عضة الصقيع


 


هل للبرد القارس أنياب حتى يطلق على أذيّته اسم عضة الصقيع؟ في حقيقة الأمر فإن أنياب الصقيع هي أنياب شديدة  القسوة يمكن أن تؤدّي إلى أذيات مختلفة. وكثيراً ما تشاهد هذه الأذيات في غرف الإسعاف عند الأشخاص الذين لم يعطوا (الاحترام الكافي) للبرودة الشديدة التي يمكن أن يتعرّض لها الجسم فحصلت لديهم أذيات قد تكون دائمة وغير قابلة للعلاج. عندما يكون الجسم رطباً ويتعرّض للبرودة الشديدة وخصوصاً في وجود الرياح فإن حرارة الجسم الداخلية قد تهبط هبوطاً سريعاً يؤدّي إلى الأذى الشديد.


 


ما هي عضة الصقيع؟


 


إن عضة الصقيع هي بكل بساطة (تجمّد أحد أعضاء الجسم أو جزء منه نتيجة للتعرّض للبرودة). وبطبيعة الحال فإن أكثر أجزاء الجسم تعرّضاً للبرودة هي الجلد. وكذلك فإن  أصابع اليدين والقدمين والأذنين والأنف هي أكثر ما يصاب بهذه الأذية.


 


درجات


 


كما هي الحال في الحروق فإن لعضة الصقيع ثلاث درجات


 


الدرجة  الأولى  وتدعى (لعقة الصقيع) وتحصل عندما لا يكون التعرّض للبرد شديداً أو مطوّلاً، وفيها يصاب الوجه والأذنان وأطراف الأصابع. ويحصل في هذه الحال نوع من الخدر في الأعضاء المصابة ولكن لا يحصل أذى دائم في الأنسجة.


 


الدرجة  الثانية هي عضة الصقيع  السطحية وفيها تتأذى الطبقات السطحية  الظاهرة من الجلد


 


أما الدرجة الثالثة فيتجمّد فيها الجلد والطبقات تحت الجلد، ويمكن هنا أن تحصل أذية دائمة غير قابلة للعلاج نتيجة لتموّت النسيج. وكلّما طالت فترة التعرّض للصقيع وشدة الصقيع كانت الأذية أكثر خطورة. هذه هي (عضة الصقيع) الحقيقية.


 


 


الأعراض


 


بالنسبة لما يدعى (لعقة الصقيع) فإن الإصابة بها شائعة ويصاب المريض بإحساس بالخدر وما يدعى أيضاً (النَــمَـل) حيث يشعر بوخز مثل الإبر والدبابيس يعتري المناطق المصابة من الجسم. وربما يشعر بألم شديد وحكة وحرقة عندما تتم تدفئة المنطقة  المصابة ويعود جريان الدم الطبيعي إليها. وربما ظهر الجلد بلون أصفر رمادي وحتى أسود في عضة  الصقيع الشديدة حيث يحصل تيبّس في الجزء المصاب من الجسم. وتحصل أيضاً فقاعات على الجلد المصاب.


 


 


عوامل الخطر


 


إن أي شخص يتعرّض لصقيع شديد لفترة كافية هو معرّض عملياً لعضة الصقيع. وبطبيعة الحال فإن أولئك الذين تتطلّب طبيعة عملهم الخروج كثيراً إلى الهواء الطلق بعيداً عن التدفئة التي تنعم بها المنازل وأماكن العمل الحديثة لديهم خطر أعلى للإصابة. وهنالك أشخاص لديهم خطر أعلى للإصابة بحكم وضعهم الجسماني. وعلى رأس هذه القائمة يأتي الأطفال الصغار والمسنون. فبالنسبة لهاتين الفئتين من الناس تكون آليات التعامل مع الظروف الجوّية أقل مرونة وكفاءة من الآخرين. فبالنسبة للأطفال لا تكون لديهم المعرفة  الكافية لتغطية الأجزاء من الجسم ذات الخطر العالي للإصابة وأما بالنسبة للمسنين فإن جهاز الدوران لا تكون كفاءته كافية لإيصال الدم إلى نهايات الجسم. وينطبق هذا الأمر الأخير على المصابين بالداء السكري لأن الكثير منهم يعانون من مشاكل أوعية ودوران مما يؤدي إلى عدم قدرة الأوعية الدموية على المحافظة على حرارة في أطراف الجسم تقاوم البرودة التي تتعرض لها. ونضيف إلى هذه القائمة المصابين بالأمراض القلبية وأولئك الذين يتناولون بعض الأدوية المسماة (حاصرات بيتا) مثل البروبرانولول وغيره حيث يكون لديهم نقص في الجريان الدموي المحيطي. وأيضاً فإن المدخنين والمدمنين على  الكحول يكون لديهم خطر أعلى من غيرهم في هذا المجال. ويضاف إلى عوامل الخطر عدم لبس الملابس الكافية والملائمة للأجواء الباردة ويزيد الخطر عندما تكون الملابس مبتلة لسبب أو لآخر (كما هو الحال في هطول المطر ثم التعرض للبرد) حيث أن هذا يضاعف أثر البرودة على الجسم. وفي حال وجود الريح فإن الأذية تزيد.


 


 


الوقاية


 


عضة الصقيع هي من الأمراض التي تبرز فيها بوضوح قيمة الحكمة القائلة (درهم وقاية خير من قنطار علاج)  فالوقاية من الأذية الصقيعية سهلة من خلال لبس الملابس الكافية للحماية من البرد  وأيضاً تجنب الخروج إلى الهواء الطلق في الطقس قارس البرودة وأيضاً تغطية أجزاء الجسم ذات الخطر العالي للإصابة كما هو الحال في الوجه والأنف وأصابع  اليدين والقدمين كما أسلفنا. فارتداء القفازات هو أمر جوهري في هذه الحال وكذلك أغطية الوجه الصوفية الواقية. وأغطية الأذنين المتوفرة في الأسواق.


 


المعالجة


 


بعد التعرّض للبرد فإن على المصاب أن يخلع الملابس الباردة و المبتلة بأسرع ما يمكنه ذلك، وأيضاً فإن عليه أن ينزع المجوهرات ثم الانغماس في ماء دافئ (وليس ساخناً) وفي حال عدم توفر المياه الدافئة، فيمكن الاستعانة بحرارة الأجزاء الأخرى الدافئة من الجسم، كتدفئة اليدين بحرارة الإبطين مثلاً. أو تدفئة الأنف بتغطيته باليدين الدافئتين والجافتين. وعلى العموم فإن الماء الدافئ يعتبر أكثر الطرق فاعلية وأكثرها فائدة وعملية. ويجب تجنّب تعريض الأجزاء المصابة بعضة الصقيع لحرارة عالية كما هو الحال مثلاً بتعريضها لنيران مشتعلة (كما هو الحال في المعسكرات وغيرها) حيث أن هذا قد يؤدي إلى زيادة أذية الأنسجة خصوصاً وأن  الأعضاء المصابة ينقص حسها بالألم نتيجة لتجمّد الأعصاب ونقص وصول الدم إليها مما يؤدّي إلى عدم إمكانية الشخص لتقدير شدة حرارة النيران وبالتالي حصول الحروق. وأيضاً فإن التدليك الشديد للجلد المصاب بهدف تدفئته قد يؤدي إلى زيادة الأذية.


 


 


نقص حرارة الجسم


 


إن كثيراً من المصابين بالصقيع قد يعانون أيضاً من مشكلة أكثر خطورة تسمى (هيبوثرميا) وتعني نقص الحرارة العامة للجسم. إن هذه المشكلة ــ في أشكالها الشديدة ــ خطرة على الحياة، ولا بد من ذكرها هنا لتبيان ضرورة طلب المساعدة الطبية من طبيب العائلة أو طبيب الأطفال أو غرفة الإسعاف للعناية بهذه المشكلة إضافة إلى عضة الصقيع.


 


 


نصائح


 


إن مشكلة عضة الصقيع التي قد تضاف إليها مشكلة (هيبوثرميا) هي من المشاكل التي كثيراً ما يتم التعامل معها باستخفاف من قبل بعض المرضى والأهل، مع أن مضاعفاتها قد تكون خطرة. وإن اتخاذ بعض الإجراءات البسيطة يوفر حماية ووقاية ضد هذه المشكلة. ونعيد هنا التأكيد على قضية ارتداء الملابس التي توفر الدفء وشرح أهمية الأمر للطفل قبل مغادرة المنزل وخصوصاً إذا كان سيكون بعيداً عن مراقبة  الأهل كما هو الحال في الذهاب إلى المدرسة وأيضاً الرحلات المدرسية. إن الحركة ترفع حرارة الجسم وبالتالي فإن المحافظة على التحرك المستمر بما يشبه الحركات الرياضية حين التعرّض للبرد قد يفيد في منع عضة الصقيع والهيبوثرميا. وكذلك فإن الامتناع  عن التدخين وعن تناول الكحول وخصوصاً عند التعرَض للأجواء الباردة هما أمران هامان في تجنب هذه الحالة. وأيضاً فإن الاحتفاظ ببطانيات إضافية في السيارة في حال القيام برحلات عائلية هو أمر مفيد لأن هبات الرياح الباردة قد تكون أمراً مفاجئاً أثناء القيام بالرحلات وخصوصاً إلى الأماكن البعيدة.


 


 


خاتمة


 


إن عضة الصقيع هي من الأذيات التي تشيع في هذه الأيّام وخصوصاً في المناطق الجغرافية ذات البرودة الشديدة ومنها ولاية ميشيغان. وإن اتخاذ بعض الإجراءات الوقائية يساعد على تجنب هذه المشكلة التي قد تكون لها مضاعفات شديدة يصعب علاجها.


 


 

Close Menu