لقاحات المدارس وتوابعها!!

 


 


 لقاحات المدارس وتوابعها!!


 


 


شهر آب عاد. والجميع منشغل بالتحضير للمدرسة. الملابس …. الكتب … الأقـلام … والدفاتر. ولكن الأهم من هذا كله ربما أنه لا بد لكل طفل في هذا الشهر من زيارة الطبيب. وعندما تحضر الأم طفلها إلى  العيادة بهذه المناسبة فإنها ترتكب خطأ ً شائعاً. إنها تذكر للموظفات أنها قد أحضرت طفلها إلى العيادة للحصول على (لقاحات المدرسة). ولكن الحقيقة أن الأمر يتعدى اللقاحات إلى أشياء كثيرة غيرها.


 


 


وهمٌ يدعى لقاحات المدارس!


 


أوّلاً وقبل كل شيء فلا بد من أن نذكر أنه لا يوجد شيء يدعى (لقاحات المدارس). الكثير من الناس يظنون أن هنالك لقاحات خاصة تطلبها المدرسة تحديداً، ولكن هذا الأمر غير حقيقي. فالمدرسة ليست لديها طلبات محددة على الإطلاق بشأن اللقاحات. كل ما تطلبه المدرسة في هذا المجال هو أن يكون الطفل قد أعطي اللقاحات الملائمة لعمره. فإذا كان عمر الطفل أربعة أعوام مثلاً فالمطلوب أن يكون قد حصل على اللقاحات المطلوبة حتى عمر أربعة أعوام. وإذا كان قد بلغ عمره أحد عشر عاماً، فالمطلوب أن يكون قد حصل على اللقاحات المفروض إعطاؤها حتى هذا العمر… وهكذا.


 


على أن هذه التسمية درجت لسبب بسيط هو أن الكثير من الأهل يكونون قد نسوا أو تناسوا أمر اللقاحات، وعند أخذهم طفلهم إلى المدرسة تذكّرهم الممرضة المسؤولة هناك بأن هذا الطفل لم يعطَ كل ما يجب أن يأخذه من اللقاحات. ومن هنا شاع هذا الاسم. ونضيف إلى هذا أن زيارة الطفل السابقة للمدرسة تشمل الكثير من الأمور الأخرى التي لا بد من الإلمام بها.


 


 


 اختبار السل


 


إن اختبار السل هو من الإجراءات المطلوبة قبل دخول المدارس في هذه المنطقة من ميشيغان. وهو ــ كما يدل عليه اسمه ــ  عبارة عن اختبار … وإن كان البعض يعتقد خطأ ً بأنه لقاح. ولعل السبب المؤدي إلى هذا  الاعتقاد هو أن هذا الاختبار هو عبارة عن وخزة تعطى بوساطة محقن صغير في الوجه الأمامي لساعد الطفل. والاختبار المستخدم اليوم والأكثر دقة يدعى ختبار (مانتو) Mantoux


 


وله اسم آخر هو  P.P.D..



 


 وحقيقة هذا (الاختبار) هو أننا نقوم بحقن بعض المواد  المشتقة من جرثوم السل. فإذا تورّم ساعد الطفل في مكان الحقن بمقدار 10 ملم أو أكثر قلنا إن هذا الاختبار إيجابي (ولا يكفي احمرار الجلد ليعتبر الاختبار إيجابياً). وهنا يصاب بعض الأهل بالذعر حيث يعتقدون أن طفلهم مصاب بالسل. والحقيقة أن الأمر يتطلّب دراسات أخرى إضافية قبل أن نقول بهذا.


 


 فالدراسة الأولى والأساس التي يجب أن تجرى عند كون الاخبار إيجابياً هي صورة الصدر. وتجرى هذا الصورة بحثاً عن آفات خاصة في الرئتين. فإذا كانت موجودة قلنا إن الطفل مصاب بالسل. أما إن كانت غير موجودة فإن إيجابية هذا الاختبار تدعى (داء السل الكامن) أي أنه ليس إصابة حقيقية كما أنها ليست مرضاً  مُعدياً (بعكس الداء الفاعل ) ،  ولكن القصد هو أن الطفل قد تعرّض لجراثيم السل التي تسمى (المتفطرات السليّة)Mycobacterium Tuberculosis .


 


وفي حالة الإصابة بالداء الكامن قد تكون هنالك علامات رئوية شعاعية  خاصة مختلفة عن الداء الفاعل Active Disease.  والتعليمات الصحية الحالية في أمريكا تقتضي بأن يتناول الطفل دواءً خاصاً يدعى (أيزونيازيد)Isonizid . ويعطى هذا الدواء بشكل وقائي ولمدة تسعة أشهر، والهدف هنا هو منع حصول داء السل المعروف بخطورته. وتكتسب هذا الإجراءات أهمية خاصة في الجالية العربية، حيث أن الكثير من الآفات الحاصلة في الولايات المتحدة الأمريكية إنما تحدث في المهاجرين وأطفالهم، ومنهم المهاجرون العرب. وليس من غير الشائع أن يتعرّض المهاجرون لجراثيم السل أثناء زياراتهم لبلدانهم الأصلية مما يؤدي إلى إيجابية هذا الاختبار.


 


 وبطبيعة الحال فإن على الأهل ألاّ ينظروا بذعر إلى هذا الأمر، فالوقاية هي دائماً خيرٌ من العلاج. ومن الأفضل لأطفالهم أن تتم معالجتهم بشكل باكر من (داء السل الكامن)Latent Tuberculosis ، فالأمر أيسر من معالجة داء السل  المكتمل، والذي يتطلب عدة أدوية في الوقت نفسه للسيطرة عليه. وإذا كنا قد أطلنا قليلاً في شرح هذا الاختبار، فالسبب في ذلك هو أنه ليس واضحاً في أذهان الكثير من الناس.


 


ونحب  أن نضيف أيضاً أن هنالك لقاحاً مضاداً للسل لا يستخدم في أمريكا وهو لا يزال مستخدماً في الكثير من البلدان العربية. ومجرّد إعطاء هذا اللقاح يؤدي إلى إيجابية اختبار السل في المستقبل. ولكن التعليمات الحالية تقتضي إعطاء المعالجة الوقائية بالــ (أيزونيازيد) بصرف النظر عن سبب إيجابية الاختبار، وهذا التشدد عائد إلى أن هنالك رجعة لداء السل في الولايات المتحدة مما أدى إلى وجوب التشدد في الإجراءات للقضاء على تزايد انتشار هذا الداء الفتاك.


 


 


 


 فحص الدم


 


كثيراً مايصاب بعض الأهل بالذعر عندما يعلمون بنية الطبيب بإجراء اختبار دموي لطفلهم،وهم يسارعون ــ من ثم ــ إلى السؤال عن سبب إجراء هذا الاختبار وفيما إذا كان الطبيب يشك بمرض ما لدى طفلهم يقتضي فحص الدم. وحقيقة الأمر أن فحص الدم في هذا المناسبة هو أمر روتيني عادي.


 


ويشمل فحص الدم في هذه الحال ما يدعى تعداد الدم الكامل، وفحص مستوى الرصاص في الدم. فأما الأوّل فيساعد الطبيب في معرفة ما إذا كان الطفل مصاباً بفقر الدم بعوز الحديد أو غيره من المواد الغذائية كالفيتامين (ب) مثلاً. وهو أيضاً يساعد في التعرّف على بعض أمراض الدم الوراثية كالتالاسيميا وفقر الدم المنجلي.


 


 أما الثاني ــ وهو اختبار الرصاص ــ فهو أمر مطلوب في ولاية ميشيغان. وقد كان مطلوباً مرة واحدة في الماضي بعمر سنة، ولكن التعليمات الجديدة تقتضي إجراءه مرتين ــ بعمر سنة ثم بعمر سنتين. وهذا  الاختبار تحديداً مهم جداً في جاليتنا العربية، لأن معظم المصابين بالتسمم بالرصاص إنما هم من المهاجرين. وعلى العموم، فإن اختبار الدم له قيمة عالية جداً هو يستطيع أن يكشف عدداً كبيراً من الأمراض بشكل مبكر مما يجعل معالجتها أكثر يسراً وسهولة، ويعطي نتائج علاجية ممتازة.


 



 


فحص البول


 


إن فحص البول هو ــ في حقيقة الأمر ــ مثال على الاختبار البسيط السهل السريع والذي يعطي معلومات هامة جداً متعلّقة بصحة الطفل. فهذا الاختبار الذي يمكن إجراؤه خلال خمس دقائق في أية عيادة طبيب أطفال، يستطيع أن يبيّن فيما إذا كان الطفل مصاباً بالتهاب بولي، كما أنه يعطي فكرة هامة جداً عن الكلية ووضعها العام، وهل تقوم بطرح البروتين أو الدم أو غير ذلك. وكل هذا له مدلولات يعلمها الطبيب ويقوم باتخاذ الإجراءات الملائمة بشأنها.


 


 


 


اختبارا السمع والبصر


 


كثيراً ما نستطيع من خلال اختباري السمع والبصر كشف مشاكل لدى طفل لا يشكو من أية أعراض. وهنا تأتي الأهمية الكبيرة لهذين الاختبارين الوقائيين. حيث يتوفر لدينا اليوم في بعض العيادات جهاز فحص السمع الإلكتروني والذي يتمتع بحساسية ونوعية عاليتين ويمكن بوساطته اختبار السمع لدى الطفل وتحويل الأطفال المصابين بالأمراض السمعية إلى طبيب الأمراض الأذنية.


 


 أما بالنسبة لاختبار البصر فكثيراً ما نلاحظ من خلال إجرائه أن بعض الأطفال يحتاجون إلى النظارات الطبية على الرغم من أنهم لا يشتكون  من أية أعراض، كما أن الأهل لم يلاحظوا أبداً وجود أية مشاكل بهذا الشأن. إن هذين الاختبارين مطلوبان كجزء من فحص المدارس.


 


 


 


التوابع


 


لا بد من أن نعرف أن (الفحص الطبي المدرسي) يشتمل أشياء كثيرة تتجاوز اللقاحات. فإننا إذ نقول إن هذا الفحص يشمل اللقاحات و (توابعها) فإن من الواضح أن هذه التوابع تأخذ معظم الوقت المخصص لهذه الزيارة، وإن كانت (اللقاحات) هي الأكثر شهرة بحيث سيطر  اسمها على هذه الزيارة برمتها عند الناس.


 


 ونضيف إلى أننا إن كنا قد ألقينا الضوء على بعض النقاط الهامة التي يتم تناولها أثناء الفحص الطبي المدرسي إلاّ أننا لم نقم بتغطية جميع الجوانب. فهنالك فحص جميع أجهزة  الجسم من قبل الطبيب كفحص القلب والرئتين والبطن وما تبقى من أجهزة. وهنالك أيضاً البحث عن المشاكل الشائعة كالسمنة والداء السكري وغيرهما. كل ما نرجوه الآن من الأهل عندما يتحدثوا عن الفحص الطبي المدرسي هو ألاً يسموه (زيارة لقاحات المدارس) .. فإن كان ولابد فنرجو أن يقولوا (لقاحات المدارس وتوابعها) … مع التأكيد والتشديد على التوابع!!


 


 


 


 


 

Close Menu