ما يجب أن تعرفه عن فيروس غرب النيل

 


ما يجب أن تعرفه عن فيروس غرب النيل


 


 


قال لي صديقي: لقد قرأت مقالك عن حب الشباب وأحببته. ما هو الموضوع الذي اخترته لمقالك القادم؟


 


 قلت له: في الحقيقة أنا لم أختر شيئاً.


 


 ــ  وماذا يعني ذلك؟


 


 *  في بعض الأحيان فإن الموضوع هو الذي يختار نفسه. في الأسبوع الماضي لم يهدأ الهاتف في عيادتي ، وفي معظم الأحيان تكون على الهاتف أم ملأ الخوف قلبها وهي تسأل عن طفلها الذي لسعته بعوضة وعن مدى احتمال أن يكون قد أصيب بمرض فيروس غرب النيل.


 


 ــ  فعلاً! لقد كنا نشاهد التلفزيون أنا وعائلتي وسمعنا جانباً من برنامج يتحدّث عن هذا المرض ولاأخفي عنك أن الأمر قد سبب الرعب لنا جميعاً. ومن المفيد أن نقرأ مقالاً يشرح الأمر.


 


التاريخ أوّلاً


 


ــ لقد تم اكتشاف هذا الفيروس لأول مرة في منطقة غرب النيل في أوغندا عام 1937. ومنذ ذلك الحين انتشر الفيروس في أفريقيا وأوربا(فرنسا وروسيا ورومانيا تحديداً) والشرق الأوسط و آسيا الوسطى والغربية. أما في الولايات المتحدة الأمريكية فقد حصلت أولى الجائحات في عام 1999 و كان ذلك في الشمال الشرقي وقد تم اكتشاف بعض الحالات في ولاية فلوريدا أيضاً. فقد لوحظ في ذلك العام نفوق أعداد كبيرة من الطيور البرية وعند دراسة الأمر تبيّن وجود الفيروس لديها. ولم يلبث مركز الوقاية و السيطرة على الأمراض في الولايات المتحدة أن أصدر تقريراً في ذلك الحين أعلن فيه عن تشخيص 62 حالة من المرض أدت 7 منها إلى الوفاة في مدينة نيويورك.ثم عاد المركز وأصدر في عام 2001 تقريراً آخر أعلن فيه عن اكتشاف 21 حالة أدت اثنتان منها إلى الوفاة وذلك في نيويورك أيضاً. ولا توجد تقارير دقيقة عن انتشار المرض في العالم.


 


 *  وكيف وصل هذا المرض إلى أمريكا؟


 


 ــ  إن السلطات الصحية تعزو هذا الأمر إلى استيراد الطيور المصابة بالفيروس من أفريقيا على الأغلب.


 


*  ومادخل الطيور في الأمر؟


 



 


طيور وحشرات!


 


ــ  إن انتقال هذا الفيروس إنما يتم عن طريق البعوض التي تقوم بلسع الطيور التي تعتبر (مستودعاً) للفيروس. وبذلك ينتقل الفيروس من الطيور إلى البعوض وهي بدورها تلسع الإنسان فينتقل المرض إليه.


 


*  ألا ينتقل المرض من إنسان إلى آخر؟


 


 ــ  لا! الإصابة لا تتم إلا عن طريق لسع البعوض. فهي لا تحصل باللمس  وغيره.


 


 *  طالما أن الطيور تعتبر مستودعاً للمرض، أفلا يمكن أن ينتقل المرض من الطيور إلى الإنسان مباشرةًَ ؟


 


 ــ  لا يوجد أي دليل علمي على ذلك حتى الآن ولكن فلا بد من التعامل مع الطيور النافقة بحذر شديد فلا يتم التقاطها إلا بعد لبس القفازات ثم وضعها في أكياس بلاستيكية ثم التخلّص منها بالطريقة المناسبة.


 


 *  وهل البعوضة هي الحشرة الوحيدة التي يمكن أن تنقل المرض؟


 


ــ  حتى الآن فإن البعوضة هي الحشرة الوحيدة التي ثبت علمياً أنها تنقل المرض. وقد أجريت دراسات على حشرات أخرى كالقراد وغيره فلم يثبت أنها يمكن أن تنقله. وقانا الله وإياك شر الحشرات!


 


 


 


من هم المعرضون للمرض؟


 


*  لابد في مرض كهذا أن يكون الأطفال معرّضين أكثر من غيرهم للمرض.


 


 ــ  لا! في واقع الأمر فإن احتمال الإصابة بالمرض أعلى لدى الكبار (ولاسيما فوق الـ 50 من العمر) منه في الصغار. ويضاف إلى ذلك أن شدة المرض ــ حين حصوله ــ تكون أكبر في المسنين.


 


الأعراض والمعالجة والوقاية


 


*  وماهي أعراض المرض حين حصوله وما احتمال الإصابة به؟


 


 ــ  حتى في المناطق الموبوءة بشدة بهذا المرض ــ كأفريقيا ــ فإن نسبة البعوض المصاب لا تتجاوز 1% وفي حال قامت بعوضة مصابة بلسع إنسان فإن احتمال إصابته لا تتجاوز 1%. وبالتالي فإنك تلاحظ أن احتمال الإصابة ضئيل. أما عن الأعراض فمعظم حالات الإصابة لا تترافق بأية أعراض فنقول في تلك الحالة إن المرض صامت. وفي حالات أخرى قد تحصل ــ بعد فترة حضانة تتراوح ما بين 3 إلى 15 يوماً ــ أعراض بسيطة كالحرارة والصداع والآلام البسيطة في الجسم، وربما حصل تورم في العقد اللمفاوية مع اندفاعات جلدية. وفي حالات نادرة (أغلبها في المسنين) فقد يحصل اعتلال شديد مترافق مع التهاب الدماغ أو السحايا وهذه الحالات قد تكون قاتلة. والأعراض النموذجية لالتهاب الدماغ والسحايا هي الحرارة العالية والصداع الشديد وصلابة العنق والتشوّش الذهني والسبات (الغياب التام للوعي).


 


 ولاتوجد معالجة نوعية تقتل الفيروس ولكن الأمر يقتضي القبول إلى المستشفى مع المعالجة الداعمة بإعطاء السوائل الوريدية والدعم التنفسي والعناية التمريضية. قال لي: وهل يوجد لقاح لفيروس النيل الغربي؟


 


 ــ  للأسف لا يوجد لقاح حتى الآن .


 


 *  وكيف تتم الوقاية إذاً ؟


 


 ــ  بالقضاء على البعوض بالطرق المختلفة (كالمبيدات الحشرية والكهربائية وطاردات الحشرات التي تعتمد على إصدار الذبذبات الصوتية) وتجنب اللسع من خلال لبس الملابس ذات الأكمام الطويلة  التي تغطي الجسم عند ارتياد المنتزهات والجلوس في الحدائق التي يعيش فيها البعوض، وخصوصاً في الأشهر التي ينشط فيها البعوض (نيسان إلى تشرين الأوّل). ومن الإجراءات الأخرى إحكام إغلاق النوافذ مع وضع الشبك الواقي الذي يمنع دخول البعوض إلى المنزل وتجفيف المياه الراكدة في محيط المنزل.


 


مجرّد سؤال


 


قلت لصديقي: لقد سعدت اليوم بصحبتك وأرجو أن تأذن لي بالذهاب الآن فأنا يجب أن أنهي مقالي عن فيروس غرب النيل الليلة. قال لي: لقد عرفت الآن موضوع مقالك لهذا العدد القادم وبقي لدي سؤال واحد.


 


قلت: تفضّل.


 


قال: ماذا ستكتب في العدد بعد القادم؟!  


 


 


 

Close Menu