التطوّرات الحديثة
قطعت الكاميرات الديجيتالية منذ ابتكارها في منتصف سبعينات القرن الماضي شوطاً طويلاً. واستفاد هذا المجال من التقدم في علم الهندسة الإلكترونية والبصرية وعلوم الكمبيوتر المختلفة.
تطوّرات اللوحة الحساسة:
وهي كثيرة جداً لأن هذا الجزء يعتبر المحور الذي يدور حوله التصوير الديجيتالي. حيث تم تطوير اللوحة الحساسة ذات القياس الكامل الذي يعادل الفيلم من قياس 24 ملم عرضاً و36 ملم طولاً. وهو ما يدعى Fx، وهذا ما يمكّن من تصوير كادر أوسع بالكاميرا.
أيضاً عمل العلماء بجد على زيادة دقة الصورة Resolution، ويكفي أن نذكر أن الكاميرا الديجيتالية الأولى كانت دقتها تعادل 10 آلاف بيكسل، بينما هنالك اليوم كاميرات تعطي دقة 24 ميغابيكسل!! وهي دقة مذهلة بكل المقاييس. ولكن علينا أن نذكر أيضاً أن جودة الصورة لا تعتمد تماماً على (عدد) البيكسل كما هو المفهوم الشائع بين الناس ولكن على (جودة) هذا البيكسل التي يعبّر عنها بالمجال الديناميكي ( Dynamic Range) والذي يتمثل بقدرة الكاميرا على التقاط التفاصيل في الضوء الساطع والخافت وما بينهما. إضافة إلى قدرة الكاميرا على التعبير عن الإشباع اللوني والأداء المتميّز في الدرجات العالية للحساسية الضوئية ISO أي إعطاء صور جيّدة في الإضاءة الخافتة. إن اتضاح هذه المفاهيم قد خفف قليلاً من غلواء (سباق البيكسل) بين الكاميرات الحديثة وأصبح هنالك التفات إلى جودة البيكسل والأداء.
بالنسبة لموضوع ISO ، فهو من أكثر ما ركّز عليه العلماء ــ وخصوصاً مهندسو شركة Nikon ــ الذين نجحوا بالوصول إلى درجات عالية لمستوى أذهل المصوّرين المحترفين. فإذا كانت الحساسية في عصر الفيلم تتراوح بين 100 و200 فقد توصل المهندسون الذين صنعوا كاميرا Nikon D3s في عام 2009 إلى رقم 102000 مع التمكن من إنقاص الضجيج الديجيتالي …. بمعنى آخر، فإن الكاميرا أصبحت قادرة على أخذ الصور وتحديد الألوان تحت ضوء الشمعة!! وهذا ابتكار أدهش حتى مخترعي المفهوم أنفسهم اضغط هنا لأخذ فكرة عن بعض استخدامات الـ ISO .
وهنالك تطوّرات أخرى تكميلية مثل إضافة تصوير الفيديو بالدقة العالية والتنظيف الذاتي للوحة الحساسة واستقرار الصورة وغيرها.
تطوّرات الأجهزة الأخرى للكاميرا:
أصبح هنالك معالج خاص ضمن الكاميرا لتعديل الصورة وأجهزة لزيادة المجال الديناميكي Dynamic Range، كما أصبح هنالك مجال لما يدعىBracketing حيث بالإمكان أخذ صورة واحدة بمواصفات مختلفة ثم اختيار الأنسب. أيضاً تم تزويد بعض الكاميرات بجهاز G.P.S.لتحديد مكان وإحداثيّات أخذ الصورة أوتوماتيكياً. وأيضاً هنالك تجهيز بآليةWiFi لنشر الصور بشكل مباشر من الكاميرا على مواقع الإنترنت. كما حصلت هنالك ابتكارات جديدة في طريقة خزن الصورة حيث تم تزويد بعض الكاميرات ببطاقتي ذاكرة عوضاً عن واحدة وقد وصلت سعة البطاقة الواحدة اليوم إلى 64 غيغابايت حيث بالإمكان الخزن على إحداهما واستخدام الأخرى كنسخة احتياطية Back-up وأيضاً بالإمكان خزن الصور بشكل ملفات RAW على أحدهما وJPEG على الآخر. وهنالك بعض الكاميرات اليوم التي تنتج صوراً ثلاثية الأبعاد وإن كانت لا تزال غير عملية. وهنالك الآن اختراع جديد يدعى
Electronic-Viewfinder/Interchangeable Lens (EVIL) Camera.
وهو محاولة لتصغير حجم الكاميرا الديجيتالية بالاستغناء عن المرآة العاكسة فيها ليكون بديلاً عن DSLR وإن كان لا يزال في مراحله البدئية.
تطوّرات البرمجيّات:
لا ننسى أيضاً التطوّر الكبير الذي طرأ على البرمجيات التي تتعامل مع الصور وذلك لمجاراة تطوّر الكاميرا. حيث تشعبت كثيراً بعض البرامج الشهيرة مثل Photoshop و Photoshop Elements مما جعل من المستحيل إتقان هذه البرامج بالكلية وأصبح المختصون يعملون ضمن مجالات معيّنة فيها بناءً على الاحتياجات اليومية لهم. ولعل أهم الابتكارات في مجال التعامل مع الصورة في الفترة الأخيرة هو ما يدعى Content-Aware Fill والذي يمكّن من التخلّص بشكل فني من العناصر غير المرغوبة في الصورة.
تطوّر الإضاءة:
من المجالات التي تطوّرت بشكل لافت أيضاً الإضاءة التصويرية المتمثلة بالأجهزة الجديدة الذكية، مثل نظام
Creative Lighting System الذي ابتكرتهNikon وهو يعتمد على نظام iTTL (Intelligent Through the Lens) الذي يؤمّن التواصل في جهاز التحكم في الكاميرا مع الفلاشات المحيطية، ويمكّن الفلاشات المحيطية من دراسة زاوية الإضاءة الخاصة بها ثم إرسالها للكاميرا التي تحسب مقدار الضوء المطلوب من كل فلاش و توجه أوامر لكل فلاش لإعطاء درجات مختلفة من الضياء للوصول إلى صورة ملائمة.
إن هذه التطوّرات بمجموعها التكاملي تعطي المصوّرين المحترفين والمستفيدين من مجال التصوير في كل اختصاص نتائج جيّدة ومتطوّرة نوعياً عما كان يتم الحصول عليه في الماضي. ولا يزال التطوير يسير على قدم وساق حيث أن المهتمين بهذا المجال يعيشون حالة من الترقب الدائم للابتكار التالي الذي يقبع خلف الزاوية، بينما تضيف شركات صناعة الكاميرات نوعاً من الإثارة على المشهد بحفظ أسرار ابتكاراتها حتى اللحظة الأخيرة لزيادة تشوّق الهواة والمحترفين على حد سواء.