فيروس غرب النيل من جديد
نشاهد في عياداتنا في هذه الفترة الكثير من المرضى بسبب لسع الحشرات. والحقيقة أن الأهل لا تزعجهم لسعات الحشرات بقدر ما يخيفهم اسم مرض جديد قديم…… فيروس غرب النيل!
وبطبيعة الحال فإن وسائل الإعلام التي تحاول نشر المعرفة بين الناس ترتكب أحياناً خطأً ً كبيراً وهو إضفاء بعض المبالغات بغية الحصول على السبق الصحفي والعدد الكبير من نسب المشاهدين. وأعتقد أن أصدق اللغات في هذا المجال هي لغة الأرقام.
فإحصائيات المركز الأمريكي للسيطرة على الأمراض ، وهو أكثر الهيئات الطبية احتراماً في البلاد، واضحة وجديرة بأن تزيل الكثير من الخوف الذي يعتري الناس. فالأرقام التي تم نشرها يوم 9 آب من عام 2011 تقول إن الحالات الإجمالية لفيروس غرب النيل بلغت 41 حالة في الولايات المتحدة الأمريكية إجمالاً ، وهي حصلت في 14 ولاية. أكثر عدد للحالات سُجّل في ولاية ميسيسيبي بواقع 11 حالة وهنالك حالة وفاة واحدة حصلت في تكساس. أما ميشيغان فلم تسجّل فيها أية إصابة بالفيروس هذا العام حتى الآن، ولعل هذا يعطي بعض الطمأنينة للمصابين بالرعب من هذا الفيروس. وباعتبار أنه لا توجد معالجة نوعية فعالة للقضاء على هذا الفيروس فإن الوقاية هي الأساس في مواجهته.
إن الوقاية من فيروس غرب النيل لا تعني أن نبقي أطفالنا في المنازل، بل لا بأس من ممارسة جميع نشاطات الصيف والذهاب إلى المنتزهات وغيرها، ولكن علينا أن نتبع وسائل الحماية الموصى بها من قبل الهيئات المختصة، وأوّلها استخدام طاردات الحشرات ومنها المادة المعروفة بـالاسم التجاري (Off ) والتي تباع على شكل بخاخ في الصيدليات والمحلات التي تهتم ببيع لوازم الحدائق وهي تحوي على مادة تسمى (DEET) وهي أكثر الطاردات كفاءة وأقلها تأثيرات جانبية. نضيف إلى ذلك أن الملابس تساهم بشكل كبير في الوقاية من اللسعات الحشرية وبالتالي يوصى بلبس القمصان ذات الأكمام الطويلة وكذلك السراويل الطويلة. ولا بد أيضاً من التخلّص من الماء الراكد في حديقة المنزل والباحة الخلفية حيث أنها تشكل مكاناً لتكاثر البعوض. ولا بد من تركيب الشبكات الواقية على النوافذ في المنزل وتصليحها في حال إصابته بالتمزقات التي تسمح بتسلل البعوض.
وهنالك جانب من الوقاية تركز عليه السلطات الصحية وهو التبليغ عن أية مشاهدة للطيور الميتة في الحدائق والغابات وغيرها. فوجود طيور ميتة هي قد تكون علامة على كون الفيروس ينتقل بين الطيور والبعوض في منطقة ما. وتقول الإحصائيات إن أكثر من 130 نوعاً من الطيور قد تم إثبات أنها تصاب بالفيروس وتقوم بنقله. وإن معرفة السلطات الصحية بنفوق الطيور يساعدها على إجراء الأبحاث والفحوص المخبرية لتحري الأمر ويساعد الوقاية في المجتمع.
لقد نشرنا العديد من المقالات في هذه الزاوية عن فيروس غرب النيل، ولكن للتذكرة نقول إن هذا الفيروس يشيع في المناطق المدارية والحارة ويصيب بشكل رئيس الطيور ولكنه ينتقل أيضاً إلى البشر والخيول والكلاب والقطط والخفافيش و الظربان والسناجب وحتى التماسيح وغيرها من الحيوانات. وأهم سبب للإصابة البشرية هو لسعات الحشرات. تبلغ فترة الحضانة 2 إلى 8 أيام وإن 99% من الحالات تكون غير عرضية. وفي حال حصول الأعراض فهي الحرارة وربما تطوّر الأمر إلى داء عصبي شديد يتجلى بالتهاب السحايا أو التهاب الدماغ. وبالتالي فقد يحصل صداع وتعب وارتعاش وتعرّق شديد واعتلال عقد لمفية ودوار وألم مفاصل وأعراض مشابهة للإنفلونزا. وربما حصلت اندفاعات جذعية وغثيان وإقياء وفقد شهية وإسهال. وتزول الأعراض عادة خلال 7 إلى 10 أيام. وإن كان التعب وتضخم العقد اللمفاوية قد يستمر لشهرين. وفي الحالات الخطرة قد يحصل اضطراب الوعي الذي قد يصل إلى السبات وربما حصلت الوفاة.
إن اتباع التوصيات الوقائية المذكورة أعلاه يجنبنا مخاطر الإصابة ويبعد عنا شبح المضاعفات.