الغلوكوزامين والتهاب المفاصل!
من بين العناصر الغذائية/الدوائية التي كثر الحديث عنها في السنوات الأخيرة في أمريكا مادة الغلوكوزامين. وهذا الدواء يطرح اسمه بشكل ثابت فيما يتعلّق بموضوع واحد هو التهاب المفاصل.
والشكل الرئيس من التهاب المفاصل الذي تتم معالجته بوساطة هذا الدواء هو التهاب المفاصل التنكسي الذي يحصل مع تقدم العمر. ولما كان استخدام هذا الدواء قد حصل بالفعل بشكل كبير من قبل العديد من المرضى، فإن الأسئلة بشأنه قد كثرت فعلاً. وأهم الأسئلة التي تطرح عن فائدته تفتح موضوعاً هاماً وهو: لماذا لم توافق عليه وكالة الغذاء والدواء الأمريكية حتى الآن؟
السؤال مشروع بطبيعة الحال. ولكن دعنا نتكلّم قليلاً عن الدواء والمرض الذي يعالجه. إن التهاب المفاصل التنكسي (أو التهاب العظم والمفصل) يحصل عادة لدى الكبار في السن. ويتميّز بائتكال الغضروف المفصلي والتهاب العظم القريب من المفصل وضيق المسافة بين العظمين ضمن المفصل مما يؤدي إلى الاحتكاك المستمر وبالتالي تحصل أعراض المرض المميز كالصلابة الصباحية والألم. و يأتي دور الغلوكوزامين هنا من خلال قيامه بتأثيره المعروف بزيادة إنتاج النسيج الغضروفي في الجسم وبالتالي فإنه يصلح ما أحدثته الأيام على المفصل ويعيد المسافة بين العظمين ضمن المفصل إلى الحدود الطبيعية. وقد ذكرت معظم الأبحاث أن امتصاص الغلوكوزامين يزيد بوضوح عند استخدامه مع مادة دوائية أخرى هي (الكوندرويتين) وهو يباع في حبوب تحوي هذا الدواء أيضاً.
وعلى الرغم من عدم حصوله على موافقة وكالةالغذاء والدواء إلا أن الغلوكوزامين قد أعطي لأعداد كبيرة من المرضى في السنوات الأخير بنتائج ممتازة. وفي واقع الأمر فلم تذكر أية تأثيرات جانبية مهمة لهذا الدواء سوى حالات نادرة من التحسس الذي يمكن أن يحصل من خلال تناول أي دواء ــ أو غذاء ــ آخر.
وبالنسبة لقضية وكالة الغذاء والدواء فهنالك توضيح لا بد من ذكره فهذه الوكالة ــ دون شك ــ هي من المؤسسات المهمة في أمريكا وتعمل كرقيب يمنع الأدوية غير المدروسة من الدخول إلى الاستهلاك (الدوائي) في أمريكا. ولكن المشكلة تكمن في أن الوكالة تتطلب لموافقتها على إنتاج أي دواء أبحاثاً باهظة التكاليف قد تصل إلى مليارات الدولارات. ولا تستطيع كل شركة أن تقوم بهذه الأبحاث، فتفضل بعض الجهات المنتجة أن تبيع دواءها دون هذه الموافقة على أن تقوم بهذه الأبحاث المكلفة فيباع الدواء على أنه منتج (غذائي) وليس على أنه منتج (دوائي). هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن البعض يعتبر أن هذه الوكالة قد تسببت في تأخر استفادة المواطن الأمريكي من كثير من الأدوية والعلاجات الهامة ومنها مثلاً جراحة Lasik لعلاج ما يدعى (أسواء الانكسار) التي تقتضي استخدام النظارات الطبية، وهذه الجراحة استخدمت في أوربا لسنوات طويلة قبل أن تدخل أمريكا والسبب هو الوكالة ذائعة الصيت.
ونضيف إلى ذلك أمراً آخر قد لا ينتبه له الكثيرون وهو حقيقة أن الوكالة ليست في واقع الأمر خلواً من العيوب. ولعل من أهم القضايا التي ذكرت بهذا الشأن قضية دواء FenFen الذي أعطته الوكالة مباركتها فتم بيعه على أنه دواء ثم تبيّن أنه لم يكن ــ في الحقيقة ــ سوى سم زعاف يباع في علب دوائية، فقد لوحظ بعد الاستخدام أن هذا الدواء يسبب ارتفاعاً شديداً في ضغط الأوعية الرئوية وقد يشكل خطراً على الحياة! فبركة وكالة الغذاء والدواء لا تعطي في حقيقة الأمر تأكيداً لسلامة أي دواء.
ونعود للغلوكوزامين….. إن الأبحاث التي أجريت على هذا الدواء والاستخدام العملي له قد بيّنا فائدته الكبيرة في علاج التهاب المفاصل التنكسي ونحن ننصح باستخدامه الآن كمادة (غذائية) ريثما تمنحه وكالة الغذاء والدواء بركتها وتطلق عليه اسم (الدواء)!