دعوة لشرب فنجان من الشاي الأخضر
قرعَ جرسُ منزلي، و دخل صديقي و قد بدت عليه ملامح اللهفة.
قال لي: ما الأمر؟
قلت: أي أمر؟
* دعوتك الغريبة! لقد شغلت بالي يا أخي. قلت لي إنك تريدني لتطلعني على مفاجأة. و طلبت مني أن أحضر فوراً فما قصّتُك؟ أين هي المفاجأة؟
ــ لماذا أنت في عجلة. تفضّل اجلس و الليل طويل!
جلس صديقي على مضض. و قال لي: أنا جاهز الآن لمفاجأتك فما هي؟
قلت له: دعني أحضر لك بعض الضيافة أوّلاً و نتكلّم بعد ذلك كما نشاء… الماء يغلي على النّار و سأحضر لك مشروباً ساخناً.
* قد لا تكون هذه فكرة سيّئة في هذا البرد القارس.
قدّمت لصديقي فنجاناً ساخناً من الشاي الأخضر وضعه أمامه على الطاولة الصغيرة و أخذت فنجاني و جلست.
قال: هل أنت مستعد الآن لتخبرني بمفاجأتك الرهيبة؟
أجبته: طبعاً… المفاجأة بين يديك.
* ماذا تعني؟
ــ ما سمعته! المفاجأة بين يديك … في فنجانك!
* في فنجاني؟ أنا لا أرى في الفنجان إلا بعض الشاي الأخضر.
ــ هذه هي المفاجأة!
* و الله يا صاحبي ما فهمت شيئاً. و أي مفاجأة في فنجان من الشاي الأخضر؟
ــ لو تعلم قيمة هذا الفنجان الذي بين يديك لما قلت هذا. أنت تحمل بين يديك أعظم مشروب نباتي يمكن أن يشربه الإنسان. أتحب أن أعطيك فكرة عن تاريخ الشاي الأخضر؟
* يا للهناء! و درسٌ في التاريخ أيضاً؟!
درس في التاريخ
ــ لقد أصبح شرب الشاي الأخضر تقليداً في اليابان منذ عام 800 ميلادي. و قد تم إحضاره من الصين بوساطة الرهبان البوذيين حيث وصفه أحد هؤلاء و يدعى إيساي بأنه “دواء معجزة”. و قلت لصديقي: هل تعرف اليابان؟
* طبعاً! هل يوجد أحد لا يعرف اليابان؟
ــ حسناً. و هل سمعت بمقاطعة ( شيزوكا) في اليابان؟
* لا!
ــ بصراحة و لا أنا حتى قرأت عن الشاي الأخضر. هذه المقاطعة تزرع هذا النوع من الشاي بشكل واسع. وقد لفت نظر العلماء أن معدلات الوفاة من السرطان في المناطق التي تزرع الشاي الأخضر في هذه المقاطعة هي أقل بكثير من المناطق التي لا تزرعها. و من هنا بدأت الأبحاث المنظّمة التي تبحث في الفوائد الصحية لهذه المادة العظيمة. و قد لوحظ أن هذا ينطبق على كل أنواع السرطان و خصوصاً ما يصيب المعدة و المري و الكبد و قد بينت هذه الأبحاث أن الشاي الأخضر يخفض حصول الخلايا السرطانية في الجسم كما أنه يخفض معدلات نموها في حال وجودها أصلاً.
قال لي و هو يرشف من فنجانه: و الله هذا أمر ممتاز.
قلت: نعم. كان هذا هو الموجز و إليك النشرة بالتفصيل!
الصبا و الجمال
ــ و موضوع آخر يهمّك كثيراً فيما أعتقد. إن الشاي الأخضر يحافظ على شباب الجسد.
* يا سلام! هذه أهم من الأولى. و كيف يحصل هذا؟
ــ إن الشيخوخة في الجسم تنجم عن عملية تدعى التأكسد و التي تؤدي إلى تشكل مادة تدعى بيروكسيد الشحوم. و هذه المادة تدعى “مادة الشيخوخة” في الجسم. إن كل ما يعاكس تشكل هذه المادة يحارب الشيخوخة. و من المواد التي تحاربها فيتامينC و فيتامينE ، و الأخير يدعى فيتامين الشباب. و أحب أن أقول لك إن الشاي الأخضر غني جداً بهاتين المادتين. و لكن الأهم هو أنه يحوي على مادة ( الكاتشين) وهي مادة مضادة للتأكسد ذات مفعول أقوى بعشرين مرة من فيتامينE ! و بالتالي فإن شرب فنجان من الشاي الأخضر كل يوم يحافظ على شباب الجسم بكل خلاياه بما فيها القلبية و الجلدية.
* قضية شباب الجسم هذه أعجبتني.
ــ القضية لم تنته بعد.
الكولسترول و السكر
لقد تبيّن من أبحاث العلماء اليابانيين أن مادة الكاتشين في الشاي الأخضر تمنع ارتفاع كولسترول الدم الناجم عن تناول الشحوم. و هي تنقص بشكل خاص النوع السيئ منه و الذي يدعى الشحوم ذات الوزن المنخفض، و هي التي تتراكم في الأوعية و تؤدي إلى أذيتها و انسدادها. كما ثبت أن هذه المادة تخفض مستوى السكر في الدم مما يمنع تأثيراته السلبية على الجسم و الأوعية.
و ضغط الدم أيضاً
إن استخدام الشاي الأخضر بشكل يومي يخفض ضغط الدم أيضاً. هذا الأمر ثبت بشكل قاطع من خلال الأبحاث العلمية. و هو يعمل بنفس الآلية التي تعمل بها بعض الأدوية الخافضة للضغط و التي تدعى مثبطات الإنزيم القالب للأنجوتنسين الذي يسمى اختصاراً ACE.
و البقية تأتي
قال لي وهو يرشف آخر قطرة في فنجانه: أكلّ هذه الفوائد موجودة في هذا الفنجان؟
قلت: نعم! و أحب أن أذكر أيضاً أن العلم قد أثبت أن الشاي الأخضر يمنع تسوّس الأسنان و يفيد في حالات التسمم الطعامي و يقاوم الفيروسات. و لا تزال الأبحاث مستمرة و هي تكشف كل يوم فائدة جديدة لهذه المادة السحرية.
قال لي: من أين آتي بالشاي الأخضر؟ أنا أريد أن أجعله مشروباً يومياً لعائلتي كلها.
قلت: من أي مكان يبيع الأطعمة. ابحث عن الشاي الأخضر في زاوية مهملة. و لا تنس أن تمسح الغبار المتراكم على العلبة. و بالهناء و الشفاء!