ريجيم الموز…. آخر مخترعات اليابان!!
إذا كنت تعتقد أن اليابانيين هم بارعون في اختراع السيارات وأجهزة الكومبيوتر فقط، فعليك أن تراجع حساباتك لأنك قد تكون مخطئاً حقاً. فالعقل الذي اخترع التويوتا والسوني ليس عقلاً هامشياً فيما يتعلّق بالطب، حيث أن لليابان تاريخاً عريقاً في هذا المجال سواء في مجال تشخيص الأمراض أو في علاجها أو الأجهزة المتطوّرة التي تستخدم في مشافي كافة دول العالم. كل هذا ليس جديداً، ولكن الجديد هو الابتكار الذي بدأ يجتاح العالم اليوم والذي يسمى بكل بساطة (ريجيم الموز الصباحي) وأحب أن أسميه ــ عن حق فيما أعتقد ــ … (ريجيم الموز الياباني).
الحكاية
منذ أن أعلنت مطربة الأوبرا اليابانية السابقة (كوميكو موري) أنها قد خسرت 15 باوند من الوزن بعد أن وضعت نفسها على (ريجيم الموز الصباحي) غاب الموز عن أرفف السوبرماركت اليابانية نتيجة لاستهلاكه من قبل الجمهور المتحمّس! هذا ما ذكرته مجلّة (جابان تايمز). وقد اكتسح هذا الريجيم تلك الدولة الآسيوية بشكل منقطع النظير، نتيجة لما وصف به من أنه أسهل نظام غذائي .
من هو المبتكر؟
قام بابتكار هذا الريجيم طبيب ياباني يدعى (هيتوشي واتانابي) وهو مختص في الطب الوقائي من جامعة طوكيو. وشاركته في هذا الابتكار زوجته الصيدلانية (سوميكو). ومنذ ابتكاره أصبح هذا الريجيم حديث وسائل الإعلام في اليابان وآسيا. حيث أنه أصبح الموضوع الرئيس لكثير من البرامج التلفزيونية والإذاعية و المقالات، إضافةً إلى أن واتانابي وزوجته قاما بـتأليف كتاب في هذا الموضوع. وبطبيعة الحال فإذا كان هذا الأمر يدل على شيء فإنما يدل على أن الريجيم والهوس به ليس شأناً أمريكياً بحتاً بل أصبح أمراً إنسانياً ناجماً عن الحاجة الماسة لنقص الوزن الناجمة عن انتشار السمنة انتشاراً وبائياً في العالم كلّه. ولكن السؤال الذي بدأ النقاد يطرحونه فوراً وربما بشكل متزامن مع ابتكار هذا الريجيم هو: ما مدى نجاح هذا النظام الغذائي ؟ وهل أن الأمر بهذه البساطة؟ نأكل الموز… فتزول السمنة؟!!
ريجيم الموز
ما يفتخر به المبتكران هو بساطة الريجيم البالغة. ففي الصباح يتكوّن الإفطار من الموز والماء الذي يكون بدرجة حرارة الغرفة (غير مسخّن وغير مبرّد). وعند الغداء بإمكانك أن تتناول ما تشاء وكذلك عند العشاء. وبالإمكان تناول السناك بين هذه الوجبات. ولكن يمنع تماماً تناول أي طعام بعد الساعة الثامنة مساءً. ويمنع أيضاً تناول كل منتجات الألبان (حليب، لبن رائب ، آيس كريم، جبن إلخ) ويمنع تناول الكحول ويمنع تناول الحلويات بعد العشاء. الشراب الوحيد المسموح هو الماء تحديداً وبدرجة حرارة الغرفة. ويسمح بتناول سناك حلو في فترة بعد الظهر.
لا حاجة للتمارين
بطبيعة الحال فإن التمارين هي عنصر هام في الصحة العامة وأيضاً يتم التركيز عليها في أي خطة لنقص الوزن، ولكن ريجيم الموز الصباحي لا يعير أي انتباه لهذا الأمر. وعندما يسأل عنه المبتكران للريجيم يقولان إن التمارين هي أمر اختياري ولكن في حال ممارسته فالنصيحة هي أن يجرى بطريقة لا تؤدي إلى الشدة أو المعاناة بل تمارين بسيطة مريحة وسهلة.
كيف يعمل هذا الريجيم؟
السؤال المشروع الذي يخطر في البال فوراً هو :كيف يعمل هذا النظام الغذائي الذي لا يحدد عدد الحريرات ويسمح لك بالاستمتاع بتناول الموز في الصباح ولا يطلب منك ممارسة التمارين؟ هل في الأمر فكرة يابانية عبقرية أم أنه مهارة يابانية تسويقية لريجيم يحمل اسم اليابان؟
وفي الحقيقة فإن هنالك عدة نظريات تشرح كيفية عمل الريجيم ونجاحه. فهنالك نظرية أولى تقول إن هنالك بعض الإنزيمات الخاصة الموجودة في الموز تسرّع الهضم والتخلّص من الشحوم مما يؤدي إلى نقص سريع في الوزن. وهذه النظرية تواجه الكثير من النقد حيث يقول من لم يقبلها إن الجسم الإنساني فيه ما يكفيه من إنزيمات الهضم، وإذا كان الأمر يتعلّق بالألياف الموجودة في الموز فإن الكثير من الفواكه تحوي كميات من الألياف تتجاوز ما يحويه الموز، فلماذا هذا الفاكهة تحديداً؟
وهنالك نظرية أخرى تركز على ما يدعى (النشاء المقاوم) وهو نوع من المواد النشوية التي تزيد الشعور بالامتلاء وتزيد حرق الشحوم والموز غني بها.
ومهما يكن من أمر فإنه لا يوجد تعليل علميّ دقيق حتى الآن يشرح نقص الوزن السريع الذي يحصل عليه الذين يتبعون هذا الريجيم.
ماذا يقول العلماء؟
إن العلماء لا يجدون أي شيء سحري في هذا الريجيم الياباني الجديد. فتناول ما تشاء من أجل وجبة الغداء والعشاء ليس وصفة لنقص الوزن بأي حال من الأحوال، وفي حقيقة الأمر فإن هنالك إجماعاً على أن نقص الوزن يحتاج إلى تناول كميات من الحريرات أقل مما يحتاجه الجسم لممارسة وظائفه اليومية من مشي ووقوف وتنفس ونبض وغير ذلك، ومن خلال هذا الفرق يحصل نقص الوزن. وبالتالي فإن فكرة عدم عد الحريرات مع عدم وجود فكرة علمية مقنعة لإنقاص الوزن بعد ذلك هي فكرة لا تقنع العلماء. ومن جهة أخرى فإن عدم تناول الطعام بعد الساعة الثامنة مساءً هي فكرة جيدة للأشخاص الذين يكثرون من تناول السناك في المساء وقبل النوم، ولكن علينا أن ندرك أن عدم تناول الطعام بعد الساعة الثامنة لا يعطينا مطلقاً ضوءاً أخضر لتناول الطعام كما نشاء أثناء النهار.
ويقول العلماء أيضاً إن تناول الإفطار يزيد من الاستقلاب ويساعد في نقص الوزن ولكن المشكلة هي أن تناول إفطار حاو ٍ على الكربوهيدرات فقط كما هو الحال في هذا الريجيم قد يؤدي إلى حصول الجوع خلال ساعات قليلة وبالتالي فإن الريجيم قد ينهار تماماً لهذا السبب. ولعل من المفيد في حال تناول الموز أن يتم خلطه مع اللبن الرائب قليل الشحوم مما يؤدي إلى الحصول على كمية من البروتين تبعد الجوع لفترة أطول.
لماذا تحدثنا عنه؟
إذا كان تعليق العلماء بشأن هذا الريجيم هو كما ذكرنا، فلماذا الحديث عن هذا الريجيم إذاً؟ ونقول إن هذا الحديث ضروري. حيث أنه كلما نشأت فكرة جديدة في العالم متعلّقة بالريجيم انتشرت في الدنيا كلها انتشار النار في الهشيم نتيجة لوجود الحاجة الماسة لأية فكرة تساعد في نقص الوزن. وبالتالي ونتيجة لهذه الشهرة الكبيرة التي بدأ يكتسبها هذا النظام الغذائي كان لا بد من هذه الوقفة عنده. وهي وقفة لا تستهدف الترويج له كما أنها لا تستهدف الطلب من الناس الابتعاد عنه ، ولكنها تهدف إلى تناول الأمر بحيادية تامة تحاول اتباع النقد العلمي قدر الإمكان وتبتعد عن الترويج التجاري وما ينجم عنه من عواقب.
هل نتبع هذا الريجيم؟
في حقيقة الأمر فإن هنالك بعض عوامل الجذب في هذا النظام الغذائي الياباني الجديد أهمها السهولة وبعض النتائج الجيّدة التي تم الحصول عليها من قبل بعض متبعيه. ولكن هنالك بعض العوامل التي لا بد من أن تثير شكوك أي شخص يتبع النقد العلمي منهجاً له. فعدم وجود تفسير واضح لبعض النتائج التي تم الحصول عليها، وعدم وجود أرقام كافية وإحصائيات دقيقة وأيضاً تناقض بعض جوانب هذا الريجيم مع المعلومات العلمية الثابتة لدى علماء التغذية هي كلهاعوامل تجعلنا نطرح الكثير من الأسئلة. وما نقترحه هو الانتظار لفترة قادمة ريثما يتم الحصول على معلومات (علمية) وليس (تجارية) ولا (فنية) ولا (أوبرالية) قبل الإقبال على هذا الريجيم واتباعه.