مضادات التأكسد
عمّال النظافة في الجسم البشري!
شاع كثيراً استخدام مصطلح (مضادات التأكسد) في السنوات الأخيرة كمواد غذائية إضافية هامة لصحة الجسم. ولقد سئلت كثيراً عن هذا الموضوع فأحببت أن أجيب! تعالَ نتعرّف على هذه المواد معاً ، ولكن خطوة …. خطوة!
إن اسم مضادات التأكسد يوحي بأنها (تعاكس) عملية ضارة في الجسم تدعى التأكسد. هذه العملية تقوم بإفساد خلايا الجسم وتقوم بها مواد تسمى (الجذور الحرّة). هذه الجذور الحرة هي في الواقع مواد يتم إنتاجها بشكل يومي من خلال العمليات الكيماوية التي تقوم بها أجهزة الخلايا. وهي بالنسبة للجسم تماثل ما تمثله النفايات بالنسبة للمصانع. وكما أن (الصدأ) يفسد الحديد فإن (التأكسد) يفسد الخلايا (وبالمناسبة فالصدأ هو بالفعل تأكسد). وكما أننا نحاول أن نمنع الصدأ عن الحديد بطليه بمواد خاصة … كذلك فإن مضادات التأكسد هي وقاية للخلايا من الفساد.
وإضافة للمصادر الداخلية للجذور الحرة فإن هنالك مصادر خارجية كالتدخين وتناول بعض الأطعمة المحفوظة. هل قرأت في محتويات اللحم المحفوظ اسم مادة تدعى (نيترات)؟ هذه المادة هي مثال شهير جداً عن الجذور الحرة. إن هذه المواد ــ بما تقوم به من تخريب للخلايا ــ تساهم في إحداث السرطانات وأمراض القلب والسكتات الدماغية (لكونها تخرّب بطانة الشرايين).
وبعد أن علمنا ما هو التأكسد وما هي مسبباته (الجذور الحرة) ، حان الوقت لنتعرف على مضادات التأكسد. إن هذه المواد هي عبارة عن فيتامينات ومعادن أشهرها الفيتامين C والفيتامين A والفيتامين E والسلينيوم ومجموعة مشبهة بالفيتامينات تسمى (أشباه الجزرين) أو Caroteinoids وهي بالطبع من أقرباء الفيتامين A وهي التي تعطي الخضار والفواكه الصفراء أو البرتقالية لونها المعروف (مثل الجزر والبطيخ الأصفر واليقطين والبطاطا الحلوة).
إن العمل الكيماوي لمضادات التأكسد يمكن تلخيصه وتبسيطه بقيامها بــ (تحييد) الجذور الحرة وإبطال عملها وبالتالي فإنها تمنع تأثيراتها الضارة التي ذكرناها (السرطانات والاحتشاءات القلبية والسكتات الدماغية). وبكلام آخر فإنها تقوم بدور (عمّال النظافة) في الجسم البشري بإزالتها للنفايات الكيماوية من الجسم.
هذا هو الكلام المبسط المختصر. ولكن الأمر يتعدى ذلك قليلاً، فمن الأمانة العلمية أن نذكر أن مضادات التأكسد لا تزال موضع جدل كبير. فالبعض يعتبرها كنزاً من الكنوز ويوصي بها جميع الناس. والبعض الآخر يعتبرها عديمة الفائدة. ويقول آخرون إن بعض الناس يستفيدون منها أكثر من غيرهم. ونحن نميل إلى الرأي الأخير. فالمثال الواضح على الذين يستفيدون من مضادات التأكسد فائدة عظمى هو المدخنون. فالتدخين يعرّض الجسم لكميات كبيرة جداً من مضادات التأكسد وبالتالي فإن تناول كميات جيدة من هذه المواد يكون له أثر واضح في منع التأثيرات الجانبية للتدخين. فقد دلّت التجارب المثبتة أن نسبة الإصابة بسرطان الرئة عند المدخنين تنقص بوضوح عند الذين يتناولون كميات وافرة من الفيتامين A وأشباه الجزرين. وقد أثبتت الأبحاث أيضاً نقص الإصابة بسرطان الثدي عند اللاتي يتناولن مضادات التأكسد كما أن تناول الفيتامين C يمنع تشكل المنتجات الكيماوية الضارة للنيترات التي ذكرناها منذ قليل.
وتقول لي أخيراً: الأمر محيّر وأنا لا أستطيع قراءة ومتابعة جميع الأبحاث المنشورة بهذا الشأن فما هي نصيحتك؟
وأجيبك: نصيحتي لك بسيطة تماماً ولقد ذكرتها غير مرة في مقالات مشابهة. حافظ على التوازن الغذائي! مضادات التأكسد مفيدة حسب معظم الأبحاث التي أجريت حتى الآن فخذ نصيبك منها من خلال تناول الخضار والفواكه الحاوية عليها كالجزر والبطيخ الأصفر والتفاح واليقطين والبرتقال وغيرها. وإذا لم تحفظ غير كلمة واحدة من هذا المقال فاحفظ هذه الكلمة الأخيرة ….. التوازن !